لم يعرف بسوء الاختيار- إذا زوج موليته من غير كفء فتزويجه غير صحيح مراعاة لحق موليته.
فيؤخذ من هذا أن الكفاءة حق للزوجة وللولي معا, وأن رضا أحدهما بتفويت حقه لا يفوت على الآخر حقه١.
وبناء على هذا إذا زوجت الحرة العاقلة البالغة نفسها من رجل ولم تبحث في أمره حتى تعلم أنه كفء لها أو غير كفء, ثم تبين أنه غير كف فليس لها طلب فسخ هذ الزواج لعدم الكفاءة؛ لأنها أسقطت حقها بتقصيرها في البحث فكأنها رضيت به على أي حال.
ولكن أولياءها لم يسقطوا حقهم فلهم طلب الفسخ؛ لأن الكفاءة حق الاثنين وإسقاط أحدهما حقه لا يؤثر في حق الآخر.
وأما زوجها وليها بعلمها وإذنها وبرضاها رجلا من غير بحث في كفاءته أو عدمها, ثم تبين أنه غير كفء فليس للأولياء ولا للزوجة حق طلب الفسخ؛ لأنهم جميعا بتقصيرهم أسقطوا حقهم وكأنهم رضوا به على أي حال.
ولكن إذا شرطت في العقد كفاءة الزوج ثم تبين أنه غير كفء، أو حصل تغرير من الزوج بأن زعم أنه كفء فإذا هو غير كفء لم يسقط حقهما في الحالين؛ لأنه مع الاشتراط أو تغرير الزوج لم يحصل تقصير ولا يعتبر واحد من الزوجة أو وليها مسقطا حقه؛ لأنه ما حصل رضا بزواجه إلا على أنه كفء.
وإذا اختلفت مرتبة الأولياء فالكفاءة حق أقربهم، فإذا رضي الأقرب بغير الكفء فلا حق للبعيد في الاعتراض وطلب الفسخ، وإذا استووا في الدرجة كأخوة
١ وليس في الكفاءة حق للشرع بحيث لو رضيت الزوجة ووليها بزوج غير كفء لها لا اعتراض على هذه الزوجية، وإنما يثبت الاعتراض لمن لم يرض منهما دفعا للعار والضرر عن نفسه, وبهذا يتبيين خطأ القول بأن اعتبار الإسلام للكفاءة يجعله دين الطوائف ويجعل في المسلمين منبوذين وغير منبوذين.