إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
وبعد
فإن من المعلوم أن الفقه الإسلامي هو أسمى العلوم الشرعية قدرا وأعظمها نفعا فهو نظام الحياة الإنسانية وقوامها ووسيلة السعادة في الدنيا والآخرة وهو عين الرسالة المحمدية وتأمل ما قاله ابن نجيم في أشباهه ونظائره ممتدحا الفقه فقال:
إن الفقه أشرف العلوم قدرا وأعظمها أجرا وأتمها عائدة وأعمها فائدة وأعلاها مرتبة وأسناها منقبة يملأ العيون نورا والقلوب سرورا، والصدور انشراحا ويفيد الأمور اتساعا وانفتاحا هذا لأن ما بالخاص والعام من الاستقرار على سنن النظام والاستمرار على وتيرة الاجتماع والالتئام، إنما هو بمعرفة الحلال من الحرام والتمييز بين الجائز والفاسد في وجوه الأحكام. بحوره زاخرة ورياضه ناضرة ونجومه زاهرة وأصوله ثابتة وفروعه نابتة لا يفني بكثرة الإنفاق کنزه ولا يبلى على طول الزمان عزه.
وكفى بذلك شرفا له وللمشتغلين به ويحسن بنا في تقدماتنا على الأشباه والنظائر أن نذكر خطاب سيدنا عمر رضي الله عنه الموجه إلى أبي موسى الأشعري بما اشتمل عليه من مسائل وإشارات هي عمدة ذلك الفن من تتبع النظائر وحفظها ليقاس عليها غيرها وغير ذلك من الفوائد الجليلة فإليك بيانه:
عن أبي المليح الهذلي قال كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري أما بعد فإن القضاء فريضة محكمة وسنة متبعة فافهم إذا أدلي إليك بحجة وأنفذ الحق إذا