ومنها: قال النووي في "الأذكار" من كتب سلاما في كتاب وجب عل المكتوب إليه رد السلام إذا بلغه الكتاب.
قال المتولي والواحدي١ وغيرهما، وزاد في شرح المهذب أنه يجب الرد على الفور وعزاه إلى المتولي والواحدي والرافعي.
فأما الفورية بعد أصل الوجوب فظاهرة؛ وإلا لم يكن ردا، وأما أصل وجوب الرد بالكتابة فرأيت من يشعر بها لأن الكتاب ليست صريحة.
قلت: والظاهر الوجوب لاطراد العرف بذلك.
ومنها: يجوز الاعتماد على خط المفتي، قاله القاضي الحسين في فتاويه.
ومنها: يجوز اعتماد الراوي على سماع جزء وجد اسمه مكتوبا فيه أنه سمعه إذا ظن ذلك بالمعاصر واللقي ونحوهما مما يغلب على الظن وإن لم يتذكر وعليه العمل.
وتوقف في القاضي الحسين في فتاويه، ولا وجه للتوقف؛ فهذه ظنون معتضدة بالقرائن ربما انتهت إلى القطع.
المبحث الرابع: أن الكتابة هل يكون لها كتابة؟
ذكر الرافعي في كتاب الطلاق في أواخر مسألة -أنت على حرام- فيما لو قال: أنت علي كالميتة أو الدم وقال أرد أنها حرام. على أن الشيخ أبا حامد قال: إن جعلناه صريحا وجبت الكفارة، أو الكناية فلا؛ لأنه لا يكون للكناية كناية.
قال الرافعي: وتبعه على هذا جماعة. قال: لكن لا يكاد يتحقق هذا التصوير لأنه ينوي باللفظ معنى لفظ آخر -لا صورة اللفظ- وإذا كان المنوي المعنى فلا فرق بين أن يقال: نوى التحريم أو نوى أنت علي حرام.
قلت: وقد يقال: من نوى باللفظ معنى آخر فلا بد أن يكون يجوز به عن لفظه، وإلا فلا تعلق للفظ بالمعنى البتة وتصير النية متجردة مع لفظ غير صالح فلا يؤثر،
١ هو أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد النيسابوري الواحدي أصله من ساوة كان إماما في النحو واللغة وغيرها وأستاذ الفقه والتفسير في عصره وله تصانيف معروفة في التفسير منها البسيط والوسيط والوجيز ومنه أخذ الغزالي هذه الأسماء، مات بنيسابور في جمادى الآخرة سنة ثمان وستين وأربعمائة، ابن هداية الله ١٦٨، ابن السبكي ٥/ ٢٤٠، غاية النهاية ١/ ٥٢٣ وفيات الأعيان ٢/ ٤٦٤، إنباه الرواة ٢/ ٢٢٣.