للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنها: إذا قلنا: تجب الفطرة بغروب الشمس وطلوع الفجر فزال الملك، ثم عاد ليلا فوجهان قاله في النهاية.

ومنها: للمقرض الرجوع ما دام القرض باقيا في يد المستقرض؛ فإن زال ثم عاد فهل يرجع في عينه أو بدله؟ وجهان في "الحاوي".

ومنها: قلع مثغور سن مثغور وجب القصاص؛ فلو نبت سن المجني عليه ففي سقوط القصاص وجهان أحدهما السقوط لأن ما عاد قام مقام الأول فكأنه لم يسقط، الثاني: وهذه نعمة جديدة.

ولو نبت اللسان فقيل على الخلاف، والأصح القطع بعدم السقوط.

قاعدة: تكرر ذكرها على ألسنة الفقهاء: "القادر على اليقين لا يعمل بالظن"، ثم نقضوها بمن معه ماء قليل وهو على شاطيء البحر؛ فإنه يجوز له التوضؤ به مع قدرته على الوضوء بما البحر.

وهذا غفلة عن أصل آخر، وهو أن الاحتمال في الماء القليل إذا لم يستند إلى سبب لا وقع له في نظر الشارع، والتحرز عنه وسوسة وخزي لا ورع وزهد.

ثم ضربوا القاعدة مثالا؛ فقالوا: المجتهد إذا وجد النص والمكي إذا شاهد الكعبة لا يعملان بالظن. وهذا أيضا غفلة عن قولنا: القادر على اليقين؛ فإن من ذكروه متيقن لا قادر على اليقين، فليس مما نحن فيه. إذا القادر على اليقين لا يقين عنده غير أنه بسبيل من أن ينتهي إليه.

وإذا علمت خطأهم -نقدا وتمثيلا- فأقول: الصور ثلاث: واصل إلى اليقين وقادر على اليقين، ويجوز توصيله إلى اليقين.

الصورة الأولى: الواصل إلى اليقين، ولا يقول عاقل: أنه يعمل بالظن؛ لأن الظن في معارضة القطع مضمحل ومستحيل أيضا عند ذي اليقين إذ لا يتقين عاقل شيئا يظن خلافه، والظن مع معارضة اليقين لا يعقل؛ فإذا لا ظن مع اليقين، فلا يقال: الواصل إلى اليقين لا يعمل بالظن.

الصورة الثانية: القادر على اليقين، وهو نص القاعدة، وقد نراه -في بعض الصور- يعمل بالظن جزما، وفي بعضها لا يعمل به جزما، وفي بعضها يختلف فيه.