للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يريد به والصبح، وأن صلاتهما في جماعة تعدل قيام ليلة، وهذا هو الراجح عند المحدثين، ويدل له ما رواه أبو داود١ والترمذي٢ من قوله صلى الله عليه وسلم: "من صلى العشاء في جماعة كان كقيام نصف الليل ومن صلى العشاء والفجر في جماعة كان كقيام ليلة"، قالوا: وطرق الحديث كلها صريحة في أن كل واحدة منهما تقوم مقام نصف ليلة واجتماعهما يقوم مقام ليلة.

قلت: لكن بقي انفراد الصبح فأين التصريح بكونه يقوم مقام نصف ليلة؛ لأنه لا بد لهذا من دليل.

ومن المحدثين من حمل الحديث الأول على ظاهره، وقال: جماعة العتمة تعدل نصف ليلة وجماعة الصبح تعدل ليلة.

فهذه ليلة ونصف لمن صلاهما جماعة، ووجهه أن المشقة في جماعة الصبح أكثر منها في العشاء فناسب أن تضاعف.

ومنها: في الصحيحين٣: أنه صلى الله عليه وسلم قال: "من شهد الجنازة حتى يصلي عليها فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان ... " الحديث.

وفي لفظ٤، ومن صلى على جنازة فله قيراط، من اتبعه حتى يوضع في القبر فله قيراطان ... الحديث.

فلو اتبعه حتى وضع في القبر ولكن ولم يصل عليه احتمل أن لا يحصل له شيء من القيراطين؛ إذ يحتمل أن يكون القيراط الثاني المزيد مرتبا على وجود الصلاة قبله، ويحتمل أن يحصل له القيراط المزيد.

وأما احتمال أن القيراطين يحصلان بالاتباع حتى يوضع في القبر وإن لم يصل عليه، فهو هنا بعيد.


١ ١/ ١٥٢ في كتاب الصلاة/ باب في فضل صلاة الجماعة حديث "٥٥٥".
٢ ١/ ٤٣٣ في أبواب الصلاة/ باب ما جاء في فضل العشاء والفجر في الجماعة حديث "٢٢١".
٣ البخاري ٣/ ٣٣٣ في الجنائز/ باب من انتظر حتى تدفن "١٣٢٥" ومسلم ٢/ ٦٥٢ في الجنائز/ باب فضل الصلاة على الجنائز وابتاعها حديث "٥٢-٩٤٥" وأحمد في المسند ٢/ ٤٠١، والنسائي ٤/ ٦٧-٧٧ وابن ماجة ١/ ٤٩١ حديث "١٥٣٩".
٤ انظر صحيح مسلم ١/ ٦٥٣، حديث "٥٤/ ٩٤٥".