قلت: ثم المسألة يجب أن تقيد بما إذا كان الوكيل يمكنه أن يختلع عن نفسه وهو مطلق التصرف.
أما السفيه إذا وكلته ليختلعها من زوجها؛ فخالع وأضاف إليها وقد قدم الرافعي قبل هذا الفرع عن التتمة أن يصح؛ إذ لا ضرر في ذلك عليه ولو فرض هنا أن الوكيل سفيه تعين أن يوقع تصرفه عنها أو يلغو، إذ لا سبيل إلى جعله عنه.
ونظير المسألة: لو وكل أحد الشريكين في الرقيق صاحبه في عتق نصيبه قال: أعتقت نصفك وأطلق فهل يتعين فيما هو مكله أو فيما هو وكيل فيه؟ وفيه وجهان.
قال النووي: لعل أقواهما الأول؛ فهذا ما يدل من كلام الأصحاب، على أن إسناد التصرف إلى نفسه -حيث يمكن- أولى، والتردد وقع فيه بين إعمال كل من الأمرين، ولا إهمال في الطرفين.
أما إذا دار بين الإعمال والإهمال -وهو ما قلنا: إنه لا يمكن وقوعه عن المباشر؛ وذلك كالطلاق يكون وكيلا فيه عن الزوج، فيطلق ولا ينوي الطلاق وأنه عن الموكل؛ ففي الوقوع وجهان حكاهما الرافعي في فصل الكناية من الطلاق "قبل الفصل الثاني في الفعل والإشارة المفهمة، ثم أعاد حكايتهما في أثناء فروع الطلاق، وقال: الأقرب أنه لا يحتاج.
قلت: وهو الأرجح، وهو إذا أطلق أما إذا نوى وقال: نويت الطلاق عن نفسي فيكون لغوا، لا عن موكلي فيحتمل أن يقال: تسمع بينته هذه ولا يقع الطلاق، ويدل له ما في الرافعي قبل باب الديات عن فتاوى صاحب التهذيب أن الوكيل باستيفاء القصاص إذا قال: قبلته بشهوة نفسي عن جهة الموكل يلزمه القصاص.
ويحتمل أن يقال: لا يسمع منه لمخالفته للظاهر، ولأن إعمال الكلام أولى من إهماله، وليس كمسألة القصاص، فإن قول الإنسان على نفسه مقبول وما فعله من القتل معتبر على كلا التقديرين؛ فإنه إن كان عن الوكالة كان استيفاء معتبرا؛ وإلا كان فعلا موجبا للقود فلم يكن ملغي بخلاف الطلاق؛ فإنه إذا لم يكن عن الوكالة كان لغوا بالكلية لا سيما على قول من لا يوقف العقود وهو الصحيح.
ويحتمل أن يفصل -وهو الأقرب- فيقال: إن كانت قرينة على نية الصرف تباعد