النووي: كان ينبغي أن يقول: وفعل التطوع في البيت أفضل -كما في التنبيه.
قلت: ويمكن أن يقال: أشار بلفظ بالنهار إلى أن التطوع في البيت -حيث يظهر التطوع بالمسجد- أفضل. لا حيث يخفي- وهو حسن، وإياه نعتقد؛ فرحم الله الشيخ أبا إسحاق ما أحسن احترازه، وما أفحل كلامه وما أضبط ألفاظه.
فإن قلت: فهذا خروج عن ظاهر الحديث، وتخصيص لعمومه.
قلت: كما أخرجت الرواتب فإن المفهوم من كلام أكثرهم أن فعلها في المسجد أولى، والمفهوم من كلام آخرين خلافه.
والحاصل: أن بعضهم أخرجها للمعين، وهذا أمثلها.
قاعدة: "ما لا يدخل الشيء ركنا، لا يدخله جبرانا".
وهذه قاعدة ذكرها إمام الحرمين؛ حيث قال في كتاب الجنائز من "النهاية" "قطع الأئمة بأنه لو سها في صلاة الجنازة لم يسجد للسهو؛ لأنه لا مدخل للسجود في هذه الصلاة -ركنا- فلا يدخلها جبرانا". انتهى.
وأنا أقول: هذا منقوض بالدماء الواجبة في الحج جبرانا؛ فإنها لا تدخله ركنا؛ إذ ليس الدم ركنا في الحج، ويدخله جبرانا إلا أن يقال: إنما يجبر الدم ما أوجب لأجل تقويته. مما لا يفوت بفواته الحج، كالرمي؛ إذ ليس في أركان الحج ما يجبر بدم، فلم يدخل الدم نفس الحج.
ومنقوض -على القديم- بالدينار الواجب على من وطيء حائضًا في إقبال الدم والنصف في إدباره؛ إذ ليس في الوطء مال، وقد وجب الدينار جبرانا.
إلا أن يقال: إن الوطء مقابل بالمهر؛ إذ لا يخلفو عن عفو أو عقوبة.
ولو قيل: "ما لا يدخل الشيء مشروعا فيه، لا يدخله جبرانا" كان غير منقوض بشيء فيما يظهر.
قاعدة: قال صاحب التلخيص: "كل عبادة واجبة إذا تركها الإنسان لزمه القضاء والكفارة إلا واحدة".
وهي: الإحرام لدخول مكة -أي على أصح القولين- وعلل بوجهين.
أحدهما: عدم إمكانه لأن الدخول الثاني يوجب إحراما آخر.