ولا تصرف الكفارة للعيال، ويعتذر عن الحديث بمثل التأويلات المنقولة عن الإمام، وتستقر في الذمة عند العجز ويعتذر بما أوردناه -آنفا- عن الرافعي. وأما العدول إلى الإطعام بعذر شدة الغلمة؛ فهو الأصح جريا على ظاهر الخبر، فاستغنينا فيه عن التأويل.
هذا حاصل كلام الرافعي، وفيه نظر من وجوه.
أحدها: أن غاية معارضة تأويل الإمام؛ حيث قال: يحتمل ويكون مخصوصا بصاحب الواقعة -بتأويلات أبداها، وليس أحد التأويلين أولى من الآخر ما لم يظهر ترجيحه ولم يظهر.
والثاني: إن كلامه كالصريح في أن الحديث يستدل به على الصور الأربع، ومنها الصورتان المتنافيتان اللتان قدم هو أنه لا يمكن الاستدلال به إلا في إحداهما.
والثالث: أن قوله في اشتداد الغلمة: الصحيح الجريان على ظاهر الخبر لا حاجة إلى تأويل. لا يفيد جوابا عن دعوى الإمام -أنه مشوش لأصول الشريعة، وأن تأويل الحديث وصرفه عن ظاهره أولى من هدم القواعد؛ إذ لا جواب لهذا الكلام إلا بأن نبين أنه غير مشوش، لا أن يقال: إذا كان الأصح الإجراء على ظاهر الحديث؛ فلا حاجة إلى التأويل؛ فطريق الجواب، أن نبين أن القول بظاهر الحديث جار على منهج قياسي، لا يشوش أصول الشريعة- ولم يبين ذلك:
فإن قلت: فبقى كلام الإمام شديدًا، لم يقع عنه انفصال، وقد قدمتم وقوع الانفصال عنه.
قلت: إنما قدمنا وقوع الانفصال عنه في مسألة الاستقراء في الذمة عند العجز، ووجهه أن الحديث دال على الاستقرار على خلاف ما فهمه المخالفون.
وأما في مسألة الغلمة فلا وجه إلى التأويل الذي أبداه الإمام، والتزم أنه لا يجوز