للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل:

في الإقدام على العقود الفاسدة.

وقد تردد كثير من المتأخرين أهو حرام، أم حلال؟ وذكر الوالد رحمه الله في باب الوصية -عند الكلام على الوصية١ بأكثر من الثلث: "أنه ينبغي أن يقال: إن قلنا: الوصية بأكثر من الثلث باطلة، أو إن الإجازة ابتداء عطية فهي حرام؛ لأنها عقد فاسد، قصد به تحقيق حكم غير مشروع انتهى.

فهذا ضابط جيد في تحريم فاسد التصرفات، وأنه لا يحرم منها ما صدر تلاعبا، ولا قصد فيه، لم يثبت مقتضاه عليه وهو قضية كلام الغزالي. ثم ذكر في كتاب النكاح نظيره [فقال] ٢ عند الكلام فيما إذا جمع بين الأختين، بعدما ذكر أن ابن الرفعة أخذ من قوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} . أن الإقدام على العقد الفاسد حرام؛ لأن حقيقة الجمع بالوطء غير ممكنة؛ إنما الممكن بالعقد.

إن الحق ما قاله الغزالي إنه متى قصد تحقيق المعنى الشرعي فهو حرام وإن قصد تحقيق اللفظ -من غير تحقيق معناه؛ فهذا لغو -ليس بعقد، ومع ذلك إن كان له محمل- من ملاعبة الزوجة ونحوه، فلا يحرم، وإلا فيحرم، إذ لا محمل غير الحق الشرعي، أو التلاعب وكلاهما حرام.

قاعدة: كل عين ثبت لمن هي تحت يده حق حبسها ليستوفي ما وجب برهنها، أو بسبب العمل فيها، لا يجوز لمالكها بيعها بغير إذن صاحب اليد إلا بعد وفاء الحق.

وفيه نظائر:

منها: المرهون.

ومنها: الصباغ إذا صبغ الثوب؛ فإنه لا يصح بيعه قبل توفية الأجرة.

ومنهاك القصار إذا قصر الثوب، لا يجوز بيعه، قبل توفية الأجرة.

إن قلنا: القصارة عين - وإن قلنا: أثر؛ فلا حق له في حبسها.

ومنها: لو استأجر صباغا ليصبغ له ثوبا، وسلمه إليه أو صائغا على عمل ذهب


١ في "ب" الموصي.
٢ سقط في "ب".