للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بلفظ واحد، هذا ما لا سبيل إليه -وإن جرد القاصد قصده إليهما جميعا- لأن اللفظ الواحد لا يصلح لمعنيين جميعا إذا لم يوضع في وضع اللسان١ انتهى.

قلت: وقد جرى بيني وبين الشيخ الإمام رحمه الله بحث طويل في هذا عندما قرأت عليه مسألة ما إذا أوصى بعود من عيدانه في باب الوصية -فقلت له: لعل هذا من الإمام بناء على أن المشترك لا يحمل على معنييه؛ وإلا فكيف يقال: لا يصلح؟

فكان من جوابه ما لا يحضرني تفصيله؛ غير أني على يقين بأنه انتصر لكلام الإمام وزعم أنه ليس من مسألة الحمل في شيء، ولا يتبين لي الآن ذلك.

والأولى -عندي- أن يتوجه كون: اللفظ لا يكون صريحا في شيئين مما ذكره الإمام في "النهاية" بعد ذلك.

وحاصله أن الصراحة تتلقى من الشيوع، قال: والشيوع أن لا يستعمل في اطراد العادة إلا في معنى، ومتى شاع في معنى لم يتصور أن يشيع في آخر مع اتحاد الزمان والمكان.

قال: وهو بمثابة إطلاق الغلبة في النفوذ؛ فالغالب هو الذي يندر التعامل بغيره، ويستحيل تقدير الغلبة في نوعين؛ فإن قصاراه يجر تناقضا -وهو أن يكون كل منهما أغلب من صاحبه.

قلت: وقوله: "يستحيل تقرير الغلبة في نوعين" لا ينازع فيه قول الأصحاب: إذا غلب نوعان من نقد.

فهذا [تقرير] ٢ كون اللفظة لا تكون صريحة في موضعين.

ومن ثم قال بعض مشايخنا: "والصريح اللفظ الموضوع، لمعنى لا يفهم منه غيره عند الإطلاق".

وأما كونها لا تكون صريحة في موضع كناية في آخر إذا قصد الأمران [معا فلا] ٣ يتبين لي وجه استحالته، وليفرض ذلك في زوج أمه وكله مولاه في عتقها؛ فقال: أنت طالق، وأراد مع الفراق حريتها وطلاقها من وثاق الرق.

وقد احتج الإمام في كتاب المساقاة -لقولنا، إنه لا تصح المساقاة بلفظ الإجارة


١ في "ب" زيادة للجمع.
٢ في "ب" تقرر.
٣ في "ب" متغافلا.