للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الظاهر. فلا يبعد تخريجه على تعارض الأصل والظاهر وتنازع ابن الرفعة١ والشيخ الإمام٢ في كلام الرافعي هذا. فابن الرفعة أيَّده وقال: بل ينبغي القطع بقبول قول من يدعي اللزوم؛ لأنه الأصل في البيع. والشيخ الإمام أفسده. وقال: بل ما أطلقه الأصحاب هو الحق؛ طالت المدة أم قصرت وهو تخريج على الأصل والظاهر؛ لأنهما لما تعارضا تساقطا، وبقي معنا حق العاقد من الفسخ، وقد تحققنا تمكنه منه فيستصحبه ولا يرفعه بالشك، ونازع ابن الرفعة في قوله أيضا أن أصل البيع اللزوم، وقال: بل الأصل الجواز ولكن وضعه على اللزوم.

وأنا أقول: تمكن العاقد من الفسخ ناشئ من عدم التفرق الذي هو الأصل المستصحب وقد عارضه ظاهر التفرق، فلا بد من جريان الخلاف، وبتقدير تسليم أن أصل البيع اللزوم، فهو معارض بعدم التفرق.

ومنها: أدخل الكلب رأسه في الإناء وأخرجه ولم يعلم ولوغه ورأينا فمه رطبا فالأصح الطهارة للأصل، والثاني: النجاسة للظاهر.

ومنها: طرح العصير في الدن وأحكم رأسه. ثم حلف أنه لم يستحل خمرًا ولم يفتح رأسه إلى مدة، ولما فتح وجده صار خلا، فوجهان حكاهما الرافعي في فروع الطلاق.

أحدهما: إن كان ظاهر الحال صيرورته خمرا وقت الحلف حنث، وإلا فلا.

والثاني: لا يحكم بالحنث. لأن الأصل عدم الاستحالة وعدم الحنث.


١ أبو يحيى الشيخ نجم الدين ابن الرفعة كان فريد دهره ووحيد عصره إماما في الفقه والخلاف والأصول واشتهر بالفقه إلى أن يضرب به المثل وله تصانيف مشهورة تفقه على أصحاب ابن العطار وبرع حتى طار اسمه في الآفاق وتفقه على السبكي والذهبي، مات سنة وخمس وثلاثين وسبعمائة.
ابن هداية الله ص٢٢٩، شذرات الذهب ٦/ ٢٢، طبقات الشافعية لابن السبكي ٥/ ١٧٧، البدر الطالع ١/ ١١٥، الدرر الكامنة ١/ ٣٠٣.
٢ حبر الأمة وأستاذ الأئمة شيخ الإسلام تقي الدين أبو الحسين علي الأنصاري الخزرجي السبكي، كان رحمه الله ذا فراسة صادقة تصانيفه مشهورة وتوفي -رحمه الله- بدمشق.
ابن هداية الله ص٢٣، الدرر الكامنة ٣/ ١٣٤، حسن المحاضرة ١/ ١٧٧، وطبقات الشافعية الكبرى ٦/ ١٤٦، البدر الطالع ١/ ٤٦٧.