للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فليست الإجارة عقد ضمان، والمحدود كونه طالبا ومطالبا في عقد ضمان والراجح -عند المعظم- عدم الصحة لضعف الملك- ولأن التسليم فيها مستحق كما في البيع، ومن ثم أيضا منع ابن سريج -فيما نقله الرافعي عنه أن يؤجر المستأجرالعين المستأجرة من آجرها؛ محتجا بأن المكري مطالب بالتسليم -مدة الإجارة- فإذا اكترى ما اكترى، كان مطالبا ومطالبا في عقد واحد؛ وذلك لا يحتمل إلا في حق الأب والجد في مال الصغير، والأصح الجواز -لا لمنع هذه العلة، بل القياس على بيع المبيع من بائعه -قبل قبضه- فإنا نقدر أن المستأجر ملك كل المنفعة دفعة على الصحيح.

وصورة المسألة: الإجارة بعد تسلميه العين المأجورة، أما قبله فقال القاضي أبو الطيب في التعليقة: المذهب منعه من المكري والأجنبي، وصحح النووي صحة أجارته للمؤجر، ثم الذي نقله القاضي أبو الطيب في التعليقة عن ابن سريج أنه يجوز [اكتراؤها] ١ من المكري وغيره قبل التسليم، وقد يقال كيف يجوز ابن سريج اكتراؤها من المكري قبل قبضها٢، وهو ما نقله عنه الرافعي، وقد تكلمت على هذا السؤال في كتابي المسمى "منع المشاجرة في بيع العين المستأجرة".

إذا عرفت هذا فقد قال [ابن الرفعة] ٣ في مسألة الإجارة من الآجر: لو علل المنع بتوالي الضمانين لكان أقوى من كونه مطالبا ومطالبا. قال: وإنما قلت ذلك بناء على أن المتسأجر يملك كل المنفعة دفعة على الصحيح؛ فإنه إذا كان كذلك اقتضى أن العين لو تلفت لعادت إلى ملك الآجر -قبل التلف- وإذا استأجرها وتلفت، اقتضى أن تعود المنافع إلى ملك آجرها وحينئذ تصير مملوكة له، ومملوكة لمؤجره أو منتقلة وعائدة إليه وهو محال "انتهى".

وهو كلام قويم -على أصله- في تفسير توالي الضمانينن مما فسره؛ إلا أن دعواه في استحالة كونها منتقلة وعائدة إليه -ممنوعة، ثم يقال له: أين الضمان في الإجارة وكأنه لا يعني بالضمان كونها عقد ضمان؛ بل نحو ما ذكره القاضي أبو الطيب في "التعليقة" حيث قال: وقال أبو العباس بن سريج: يجوز أن يكريها من المكري وغيره لأن قبض الدار المستأجرة لا تنقل الضمان بدليل أنها إذا انهدمت في يد المكتري، كان الضمان على المكري -دونه- انتهى.

ومن فروع القاعدة -على ما فهمه ابن الرفعة والشيخ الإمام- المسألة التي


١ في "ب" اقراؤها.
٢ في "ب" زيادة القاضي أبو الطيب ويمنعه بعده.
٣ سقط في "ب".