للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو نقص -وفي هذا تتفاوت رتب الفقهاء؛ فكم من واحد متمسك بالقواعد -قليل الممارسة للفروع ومآخذها يزل في أدنى المسائل، وكم [من] ١ آخر مستكثر في الفروع ومداركها قد أفرغ جمام ذهنه فيها -غفل عن قاعدة كلية، فتخبطت عليه تلك المدارك وصار حيران، ومن وفقه الله بمزيد [من٢] العناية- جمع له بين الأمرين؛ فيرى الأمر -رأي العين- انتهى كلامه ذكره في باب التفليس.

قاعدة: [كل] ٣ ما لو صرح به أبطل فإذا أضمره كره. ومن ثم يكره تزويج امرأة بقصد الطلاق -عند الإحلال لزوج آخر وهل قصد إقراض -المشهور أنه يرد بأكثر مما اقترض فيه وجهان.

تنبيه: ذكر الشيخ الإمام الوالد رحمه الله هذه القاعدة في شرح المنهاج في مسألة التحليل، وقال: ينبغي أن لا تؤخذ على إطلاقها؛ فإن مثل بيع الجمع بالدراهم وشراء الخبيث بها لا يكره".

قال: وقد يقال: إذا احتج الأصحاب بأن الله تجاوز عن حديث النفس٤ لعدم البطلان؛ فينبغي أن لا تثبت الكراهة أيضا؛ لكنا نقول: هذه الحديث -وإن احتج به الأصحاب ففيه ما لم يتكلم أو يعمل فإن كان المقصود- ما لم يتكلم بالذي حدثت به نفسها أو يعمل به- فيصح الاحتجاج به.

وإن أخذ مطلقا؛ فقد يقال: إن هذا حديث نفس -قارنه عمل- كما إذا التقى المسلمان بسيفهما أثم القاتل لصدور حرصه على القتل، وإن لم يحصل ما حرص عليه؛ ولكن قارن حرصه عمل وهو وسيلة إليه، وهنا قارن حديث النفس عمل؛ لكنه ليس وسيلة إلى الحرام بل إلى الخلاص عنه فلم يحرم وأما الكراهة: فإن قصد بتلك الحيلة معنى المفسدة المنهي عنها شرعا فتقوى الكراهة؛ وإلا فلا، ومسألة الخبيث من القسم الثاني. هذا كلام الوالد رحمه الله.


١ سقط في "ب".
٢ سقط في "ب".
٣ سقط في "ب".
٤ يشير إلى ما أخرجه البخاري ومسلم رحمهما الله إن الله تجاوز عن أمتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل به أو تتكلم.
البخاري ٥/ ١٦٠ في العتق/ باب الخطأ والنسيان "٢٥٢٨".