للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن كان قد أقر -قبل الطلاق- بصحة النكاح، لم تسمع دعواه، ولا بينته، وإلا سمعنا؛ لأنه إذا ادعى الزوجية، فإقامة البينة -بعدم الولي أو غيره- من المفسدات، لا يكذب ما سبق، بل يثبت، وصفا آخر يلزم منه الفساد، وصار كما لو أقر أن في ذمته -لفلان- قفيز حنطة سلما ووصفه وذكر محل تسليمه، ثم قال: كان سلما باطلا؛ لأن الثمن كان دينا في ذمتي، فجعله رأس مال السلم؛ فإن [كان] ١ ذلك، لا يقبل، لأنه يطلب إبطال عقد السلم الذي أقر بصحته؛ فلو أقام بينة بذلك، قبلت، لأنها لم تناقض ما ذكره، بل زادت وصفا.

هذا كلام الدبيلي، وقد زاد الإمام هذه القاعدة بيانا، فقال: "من أقر صريحا بما جاز استناده إلى يقين ثم رجع، لم يقبل رجوعه، وكذا إذا لم يتصور استناده إلى يقين إذا كان ابتداء من غير خصومة، وإن كان في أثناء خصومة؛ ففي مؤاخذته خلاف".

واحترزنا بقولنا: "صريحا" عن بائع يدعي -بعد البيع- أن المبيع موقوف فالمنصوص سماع دعواه وبينته -وهو المحكي في باب الدعاوي من الروضة عن حكاية القفال عن العراقيين- وقد نصره الشيخ الإمام في شرح المنهاج قبيل باب الشركة، وقال: ليس الإقدام على العقود كالإقرار الصريح؛ لأن الإنسان قد يعقد بأدنى ظن، ولا يقر إلا بظن قوي٢؛ فليس الفعل في رتبة صريح القول.

قال: "وقد رأيت -من الحكام وأكابر الفقهاء- من٣ يغلط في ذلك، ويلزم الناس بمقتضى عقود تقع منهم -مع غلبة الظن وصدقهم وعذرهم ولم يقم على ذلك دليل من كتاب ولا سنة ولا قياس". انتهى.

قلت: ويؤيده ما قاله الروياني -فيمن باع شيئا، ثم ادعى أنه لم يكن ملكه: أنه إن لم يقل -عند البيع- هو ملكي؛ بل اقتصر على البيع سمعت دعواه" وعزاه إلى النص.

قلت: ورأيت الشيخ أبا حامد نقله عن الشافعي رضي الله عنه في كتاب الغصب فقال: "قال الشافعي رضي الله عنه": إن كان ذكر -حين البيع- أنه ملكه وجرى ذلك في عرض كلامه، لم تسمع بينته؛ وإلا٤ سمعت لأن مجرد البيع ليس تكذيبا لبينته، لأنه قد يبيع ملكه وملك غيره".


١ سقط في "ب".
٢ سقط في "ب".
٣ سقط في "أ" والمثبت من "ب".
٤ في "أ" ولا.