للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: أنت طالق إن دخلت الدار لم تطلق حتى تدخل "انتهى".

والغزالي -رحمه الله- توصل بذلك إلى قوله: "في قول الزوج: أنت طالق على أن لي عليك كذا -أنه يكون رجعيا" قال: "لأن الشرط في الطلاق- يلغو إذا لم يكن من قضاياه، كما إذا قال: أنت طالق على أن لا أتزوج بعدك؛ فإما ذهابه إلى كونه رجعيًا فالصحيح خلافه.

وأما معنى قوله: "الشرط في الطلاق يلغو" فما ذكرناه عن ابن الرفعة، والحاصل: أن الطلاق -بعد وقوفه- لا يقف على شرط؛ لأن وقوفه عن الوقوع مع وقوعه محال، وهذا بخلاف ما لو نجز الوكالة وعلق التصرف على شرط فهو توكيل صحيح، وهو إيقاع عقد بشرط؛ فمثل هذا لا يكون في الطلاق؛ فإن المرأة لا تكون مطلقة ثم يكون طلاقها الواقع واقعًا على شرط.

تنبيه: ما ذكرناه -من توجيه قول الغزالي: "الطلاق [لا يقبل] ١ الشرط في الإيقاع لكن في الوقوع والبيع عكسه" -وهو أقصى ما ذكر المفسرون لكلامه، ومنهم الوالد رحمه الله؛ غير أنه قال: "لا يلزم من هذا ما قصده الغزالي من جعل -طلقتك على أن لي عليك ألفا- رجعيا؛ فإنه إذا أوقع الطلاق [مع] ٢ هذا الشرط -لم يوقعه مطلقا، فلا يقع رجعيا؛ بل يقع كما أوقعه -على جهة المعاوضة- وهذه الصيغة صالحة لأن تستعمل في المعاوضة بخلاف ما إذا ذكرها شرطا مجردا -من غير معاوضة".

قلت: وهذا حق، ويدل على أنه لو قال: بعتك على أن تعطيني عشرة، صح البيع -كما صرح به الرافعي في الباب الثاني من كتاب الصداق- فنزل قوله: "على أن تعطيني" منزلة باء العوضية؛ فكذلك ينبغي أن ينزل هنا ذلك، وعبارة الغزالي -في باب الخلع أوائل الباب الثالث- "والطلاق لا يقبل الشرط" انتهى، وفي حواشيه- وأظنه من كلام ابن الصلاح الشرط على قسمين: شرط تعليقي، وشرط إلزامي، فالطلاق يقبل التعليق والعوض، ولا يقبل الشرط الإلزامي، بخلاف البيع؛ فإنه لا يقبل التعليق، ويقبل الشرط الإلزامي، كقوله: بعتك هذا العبد بشرط أنه كاتب". انتهى.


١ سقط في "ب".
٢ في "ب" "من".