للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رجلين إلى الدار والجهل بعينه؛ فيقول: إن كان هذا الرجل الكائن في الدار زيدا فأنت طالق، فنافى كونه زيدًا -بخصوصه- يحلف على البت كنظيره في مسألة الغراب، ونظير مسألة الدخول من الغراب أن يعرف كون الواقف غرابًا، ثم يفقده ويجهل هل طار أو مات، وكان قد حلف على طيرانه؛ فالنافي لطيرانه هنا يحلف على نفي العلم "انتهى ملخصًا، [وهو حاصل ما ذكره الرافعي] ١.

واعلم أن هذا الإمام الغزالي أجل قدرًا من أن يخفي عليه مثل هذا الفرق والإمام أبو المعالي أرفع مقدار من أن يفرق حيث لا فرق، والتمهل في النظر بين كلام هذين الحبرين أولى من المبادرة، وأرى أن....٢.

قاعدة: قال ابن القاص تجب اليمين في كل حق لابن آدم إلا في أربعة مواضع.

قلت: ومراده أن من قبل قوله في شيء كان عليه اليمين إذا طلبت منه إلا في مسائل، ولعل تعبيره -بحق لابن آدم- أصح لما سنبينه.

ولنفتتح بالأربع التي ذكرها ابن القاص.

منها: القاضي إذا ادعى عليه -بعد العزل- الحكم بباطل، وادعى عليه بقيمة المتلف؛ فأنكر؛ فلا يمين عليه، قاله الشافعي رضي الله عنه أيضًا.

والشاهد إذا ادعى عليه أنه شهدًا زورًا. وادعى عليه قيمة المتلف؛ قاله ابن القاص تخريجًا.

ولو ادعى رجلان زوجية امرأة فأقرت لأحدهما ولم تحلف للآخر.

ولو ادعى عليه بشيء فقال: هو لولدي الصغير.

هذه الأربع التي ذكرها ابن القاص، وحكى في الثالثة والرابعة قولًا قديمًا.

ومنها: لو قال: له شيء، ثم فسره بما لا يتمول -كقشر فستقة؛ فالصحيح يقبل قوله؛ ولكن بيمينه على القاعدة، ونص عليه الشافعي رضي الله عنه هنا وصرح به الشيخ الإمام، وحاول ابن الرفعة إثبات وجهين، ولم يتعرض الرافعي لذكر اليمين رأسًا.

ومنها: لو اختلف البائع والمشتري في عيب لا يمكن القول بقدمه كجراحة طرية، وقد جرى البيع والقبض من سنة؛ فالقول قول البائع في أنه حدث عنه عند المشتري بلا يمين.


١ سقط في "أ" والمثبت من "ب".
٢ بياض الأصل في أ، ب.