للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

موافقة منقول أبي الليث إلا أن يريد بالاسم التسمية، وقد يقال: لا يصح هذا الاستعمال، فلا نسمع إرادته إياه، وقوله "بصفة الله" يشبه أن يكون يمينًا إلا أن يريد وصف كلام لا يتبين لي معناه، ولا أدري ما وصفه غير صفته؛ فلينظر ذلك.

أصل:

اختلف أئمتنا في الكلام فقال قدماؤهم: "حقيقة في النفساني مجاز في اللساني". وهو عن أبي الحسن نصًا، وقيل مشترك بينهما. ولا قائل منا بأنه مجاز في النفساني حقيقة في اللساني؛ إنما ذلك من أقوال القدرية.

ومن أدلة أئمتنا قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ} ١ وقوله تعالى: {فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ} ٢. قال: {أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا} وقول عمر يوم السقيفة "كنت زورت في نفسي كلامًا" وقوله الأخطل: إن الكلام لفي الفؤاد ... البيت، وقوله:

قد كنت أحجو أبا عمرو أخا ثقة ... حتى ألمت بنا يومًا ملمات

وهذا من مستنبطاتي وهو وبعض ما قبله؛ فلم أجدني سبقت إليه، ومع هذا فالكلام في عرف الناس اللساني، وعليه يحمل يمين الحالف. نعم ينبني على الكلام النفساني مسائل.

منها: قوله صلى الله عليه وسلم: "فإذا كان يوم صيام أحدكم فلا يرفث ولا يجهل، فإن امرؤ شاتمه أو قاتله فليقل: إني صائم" ٣ فهل يقوله بلسانه أو بقلبه؟ فيه وجهان.

قال الرافعي: نقلًا عن الأئمة٤. "يقوله بقلبه".

وقال الشيخ الإمام: "تيويب الشافعي يدل على أنه يقوله بلسانه".

وقال النووي في الذكار: "ولغات التنبيه أنه الأظهر". وقال في شرح المهذب. "إن جمع بينهما فحسن".


١ المجادلة "٨".
٢ سورة يوسف "٧٧".
٣ متفق عليه من رواية أبي هريرة أخرجه البخاري ٤/ ١٨٨ في الصوم باب فضل الصيام "١٦٤/ ١١٥١" "١٦٣/ ١١٥١".
٤ انظر تصحيح التنبيه ص ٤٧، نهاية المحتاج ٢/ ٣٣١، شرح المهذب ٦٩/ ٣٥٦، تحفة المحتاج ١/ ٦٩٠.