ومن قواعد الفقهاء ما قدمناه في القواعد العامة وأحلنا فيه على هذا المكان "والإكراه يسقط أثر التصرف" وهذا موضع تحقيقه.
فأقول: من صدر على يديه شيء. ولا أقول: فعل، لأن الفعل يستدعي فاعلًا وسنذكر ما لا نسميه فعلًا بالجملة الكافية كحركة المرتعش.
إذا عرفت هذا فذلك الشيء إما أن يصدر باختيار منه وإرادة له فهو المختار؛ سواء أكان حبه واختياره -بصدوره عنه- ناشئًا من قبل نفسه وداعية قلبه. أو دعاء إلى ذلك داع- من سائل أو غيره، فرب من يفعل ما يكره حياء من السائلين وإسعافًا للطالبين. أو حبًا لأن يقال فعل. وهذه أمور لا تخرجه عن كونه مختارًا.
وأما أن يصدر لا باختيار؛ فإما أن يكون بكراهة حملته على إصدار ذلك الفعل أو لا.
إن لم يكن فإما أن يكون له شعور بما صدر أو لا، إن لم يكن فهو الغافل من نائم.
= بل للوليد فيه إسنان آخران رواه محمد بن المصفى عنه عن مالك عن نافع عن ابن عمرو عن ابن لهيعة عن موسى بن وردان عن عقبة بن عامر، وقد قال ابن أبي حاتم في العلل: سألت أبي عنها فقال: هذه أحاديث منكرة كأنها موضوعة، وقال في موضع آخر: لم يسمعه الأوزاعي من عطاء؛ إنما سمعه من رجل لم يسمعه، أتوهم أنه عدب الله بن عامر الأسلمي، أو إسماعيل بن مسلم، وقال: ولا يصح هذا الحديث ولا يثبت إسناده، وقال عبد الله بن أحمد في العلل، سألت أبي عنه فأنكره جدًا وقال: ليس يروي هذا إلا عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم، ونقل الخلال عن أحمد قال: من زعم أن الخطأ والنسيان مرفوع؛ فقد خالف كتاب الله، وسنة رسول الله؛ فإن الله أوجب في قتل النفس الخطأ الكفارة، يعني من زعم ارتفاعها عن العموم في خطاب الوضع والتكليف، وقال محمد بن نصر -عقب إيراده له كما تقدم: إلا أنه ليس له إسناد يحتج بمثله، ورواه العقيلي في الضعفاء في حديث الوليد عن مالك، ورواه البيهقي، وقال: قال الحاكم، هو صحيح غريب تفرد به الوليد عن مالك، وقال البيهقي من موضع آخر: إنه ليس بمحفوظ عن مالك، ورواه الخطيب في ترجمة سوادة بن إبراهيم من كتاب الرواة عن مالك، وقال بعد سياقه: من جهة سوادة عنه: سوادة مجهول والخير منكر عن مالك. انتهى، والحديث يروي عن ثوبان وأبي الدرداء، وأبي ذر، ومجموع هذه الطرق يظهر أن للحديث أصلًا، لا سيما وأصل الباب حديث أبي هريرة في الصحيح من طريق زاررة بن أوفى عنه بلفظ: إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها، وزاد في آخره، وما استكرهوا عليه ويقال إنه مدرجة فيه وقد صحح ابن حبان والحاكم وغيرها هذا الخبر كما أشرت إليه، وقال النووي في الروضة وفي الأربعين إنه حسن وبسط الكلام عليه في تخريج الأربعين وكذا تكلم عليه شيخنا في تخريج المختصر وغيره.