للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقول الشيخ الإمام الوالد رحمه الله: إن دخلت الدار فأنت طالق، إنشاء للتعليق لا تعليق للإنشاء، ومعنى هذا أن السببية انعقدت في الحال، وحكمها تأخر بمقتضى الشرط إلى وجود الصفة.

وأقول أنا: إذا دخلت الدار طلقت، لكونه قال: إن دخلت الدار فأنت طالق، لا لكونها دخلت. فأفهم هذا فلقد ذهل عنه ذاهلون، وأعلم أن أحدًا منا لا يقول: إنها طلقت لدخولها؛ بل إنما طلقت بالتعليق وحده لما انتفت عنه الموانع.

فإن قلت: فقد قال الفقهاء: التعليق مع الصفة تطليق.

قلت: ليس معناه أن الصفة جزء من التطليق، بل إنها شرط يوقف الحكم ويؤخر من أجلها وليس كل ما توقف عليه الحكم علة ولا جزء علة.

هذا هو الحق: فالعلة فعل الزوج فقط. الذي يتصرف تارة بالتنجيز وتارة بالتعليق وليس لفعل الزوج أثر.

وربما يقولو: الموقوف على دخول الدار، الطلاق لا التطليق.

وربما قالوا أيضًا: المعلق الطالقية نزولًا لا الطالقية سببًا. وقد عرفت ما يعنون بهذه العبارات كلها.

والحاصل أن تعليق الطلاق عندهم بمنزلة من يتخير الوكالة ويعلق التصرف على شرط لا بمنزلة من يعلق أصل الوكالة.

فإن قلت: حاصل هذا الكلام أن التعليق إيقاع وتطليق، والمجزوم به -في كلام الإمام والغزالي والرافعي والنووي ما نصه ومن لفظ الروضة نقلته "إن مجرد التعليق ليس بتلطليق ولا إيقاع ولا وقوع".

قلت: قد أطال الشيخ الإمام الوالد رحمه الله في كتاب التحقيق: في مسألة التعليق الذي رد به على ابن تيمية١ وهو من نفائس كتبه.


١ أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم الخضر النميري الحراني الدمشقي الحنبلي أبو العباس تقي الدين ابن تيمية شيخ الإسلام ولد بحران كان كثير البحث في فنون الحكمة داعية إصلاح في الدين آية في التفسير والأصول، فصيح اللسان، قلمه ولسانه متقاربان له مصنفات عديدة انتفع بها أهل العلم على مختلف منحاهم:
الدرر الكامنة ١/ ١٤٤، البداية والنهاية ٤/ ١٣٥، النجوم الزاهرة ٩/ ٢٧١، الأعلام ١/ ١٤٤.