للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منع كونه سببنًا في مدة الخيار؛ فإذا سقط الخيار وزال الشرط انعقد حينئذ سببًا.

وحرف المسألة ما ذكرناه من أن حقيقة الخيار عندنا ملك فسخ ما ثبت، وعنده استيفاء ما كان.

ومنها: التكفير قبل الحنث يجوز عندنا لانعقاد السبب، ولا يجوز عندهم لا بالمال ولا بالصوم، لأن اليمين معلقة بالشرط، وهو الحنث. فلا ينعقد سببًا في حق الكفارة حتى يوجد الحنث.

وإذا تأملت هذه المسائل عرفت أنا غفلنا سببًا تخلف عنه مسببه لقيام مانع أو تخلف شرط؛ فلم يمنع انعقاد الأسباب، وإن تأخرت المسببات.

والخصوم لم يعقلوا ذلك فمنعوه، ولعلهم لا يفرقون بين العلة والسبب؛ فمن ثم يقولون: "لا يتأخر السبب عن مسببه، ولا يتوقف على شرط [فإن المعلوم لا يتأخر علته ولا يتوقف على شرط] ١ صحيح.

وقد ذكر أئمتنا أن العلة الموجبة على القول بها -لا يجوز أن يكون إيجابها لمعلولها مشروطًا بشرط، قال إمام الحرمين في الشامل: والخائضون في العلل متفقون على ذلك.

وأما قولهم: إن السبب والعلة سواء. فلسنا نوافقهم عليه؛ بل هما مفترقان، وسنعقد لذلك مسألة على الأثر ونبين وجود السبب وانتفاء المسبب لمانع، ولا كذلك العلة.

فائدة: علمت الأصل العظيم الذي عظم فيه تشاجر الفريقين في الخلافيات وتبين لكل رأينا فيه، وقد حاد الإمام عنه في الفرع الشهير -وهو تعليق الوقف بالموت، ونحن نذكره ملخصًا.

فنقول: استفتي في زمن الأستاذ أبي إسحاق في رجل قال: وقفت داري على المساكين بعد موتي، فأفتى الأستاذ بوقوع الوقف بعد الموت وقوع العتق في المدير وساعده أئمة الزمان. قال الإمام: وهذا تعليق على التحقيق، بل هو زائد عليه؛ فإنه إيقاع تصرف بعد الموت. [قال الرافعي: وهذا كأنه وصية] ٢ يدل عليه أن في فتاوي


١ سقط في "أ" والمثبت من "ب".
٢ سقط في ب.