الأبوة علة والولاية علة فالتعليل بالولاية عند الازدحام -إعمال للأضعف. لأنا قد بينا أن الأبوة ليست بعلة، فضلأا عن أن تكون أولى من الولاية.
وبتقدير أن تكون علة فقد ازدحم على الأب الولي ثلاثة أوصاف، أعمها كونه وليًا، وأخص منه كونه وليًا بالأبوة، وأخص من هذا الأخص منه كونه أبًا، فيلتحق ذلك بما ازدحم عليه علتان -عامة وخاصة- وتظهر فائدة ذلك بما إذا كان الأب غير ولي -بأن كان فاسقًا- فأقدم على الختان، فلا قصاص عليه حينئذ لكونه أبا، لا لكونه وليًا، إذ لا ولاية حينئذ، بل لمانع الأبوة، وهنا يحتاج إلى التعليل بالبعضية ولا في الأب الولي.
فصل:
فيما ازدحم عليه علتان لا يترجح إحداهما على الأخرى وظهر الحكم بعدهما، فحكمنا بأنهما جزءًا علة واحدة، والعلة حينئذ المجموع، أو أن العلة إحداهما لا بعينها، أو نقول: بأن كلا منهما علة مستقلة؛ غير أن الواقع حكمان لا حكم واحد، فلا اجتماع لعلتين على معلول واحد أبد الآباد وغوص الغائصين ودهر الداهرين. ومن أمثلة هذا الفصل:
من مس ذكره وأجنبية في وقت واحد، ولا أقول: من مس وبال؛ فإنه يختلج في الذهن تقديم علة البول.
ومنها: عتق الراهن والموسر واقع، لكونه مالكًا موسرًا وبهذه خرج المعسر، والذي يظهر أن العلة في هذه الصروة مجموع المالكية مع اليسار.
فإن قلت: يعارض وصف المالكية تعلق حق المرتهن.
قلت: معارضة جزء العلة لا ينهض بدفع العلة عن عملها؛ فإن المالكية في الأصل علة مستقلة وإنما صارت جزءًا بانضمام وصف اليسار إليها، فنشأ عنه أن عتق المعسر عنه لا يجوز، فإذا عورض هذا الجزء لم يتدفع.
وفقه المسألة: أن حق المرتهن وإن تعلق بالعين فغرضه الأعظم التوصل إلى ماله، وعو عند ذي اليسار حاصله فاضمحلت معارضته.
وليس هذا منا نظرًا إلى معنى المالكية كما يقوله مالك. وإن كنا نختاره -ولكنه أمر وراء ذلك وهو جرار لم أذكره في شرح المختصر بل اقتصرت أنا حينئذ بقسط وصف المالكية.