هذا أشار الشيخ الإمام الوالد رحمه الله في باب الغضب من "شرح المنهاج" ويدل له قول الأصحاب: "لو نقص المغضوب بغير استعمال وجب الأرض مع الأجرة، ولو نقص بالاستعمال كما لو بلي الثوب باللبس؛ فكذلك على الصحيح لأن الأجرة للفوات، والأرض للنقص، وهما سببان مختلفان فيثبت موجبهما.
والثاني: لا يجب إلا أكثر الأمرين -من الأجرة والأرض لأن الأرض بسبب الاستعمال فيتداخلان فهذا الوجه يشهد لأن العلة الفوات دون التفويت؛ وإلا فكيف يكون التفويت غير مضمن والفوات مضمنًا، لترددهم في التفويت، وجزمهم في الفوات شاهد لما قلته، ثم علة الفوات مضطردة سالمة من النقص بخلاف التفويت؛ ألا ترى أنه لو غصب عبدًا مرتدًا فقتله لم يجب عليه ضمانه، لو مات في يده ضمنه، والفرق أن يقيم في الأول حد الله، وإن كان مفتاتًا على نائب المسلمين -بخلاف الثاني.
ومثله لو لم يكن مرتدًا بل قال مولاه للغاصب أقتله فلو قتله لم يضمنه، لو تلف في يده ضمنه صرح به الإمام في النهاية في باب الأسير يؤخذ عليه العهد أن لا يهرب قبل باب إظهار دين الله.
ومنها: علة وجوب نفقة القريب على قريبه يتحصل من كلام الأصحاب فيه وجهان:
أحدهما: أنه منزل منزلة نفسه للبغضية.
والثاني: يسار القريب المنفق.
واليسار أخص من الأول، والأرجح التعليل بالأعم، ويتخرج عليها أنه هل يجب على القادر على الكسب الاكتساب لنفقة القريب؟ والأصح الوجوب لذلك.
واتفاق الأصحاب أو أكثرهم، على وجوب نفقة القريب على المفلس المحجور، يدل على أن العلة ليست اليسار؛ بل مطلق الملك، وبه صرح القاضي الحسين قال: ولا شك أن المفلس معسر، وإن أنفق على قريبه فذلك لعلة المالكية.
فصل:
فيما ازدحم عليه علتان بينهما عموم وخصوص من وجه، العمل منهما لما هو الأقوى في كل صورة بخصوصها. وله نظائر منها: