للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: وهذا فقه صحيح، وهو مقصودي بذكر هذا الفرع، فإن هذه حينئذ صورة يتعاقب عليها وصفان لا يعلم هل هما مجتمعان فيعمل فيهما ما يعمل في اجتماع علتين أو إنما الموجود أحدهما؟

ووددت لو قال قائل: يملك الوارث الثلث بالوصية والثلثين بالإرث، لأنه ليس للميت سلطان في الوصية إلا بالثلث، ثم هذا الثلث إذا رده يحتمل أن يقال: إنه يرد إلى الوارث فيعمل فيه ما تقدم.

ووددت لو قيل: إنه لا يعود إليه لأن الميت حجزه عن أن يرثه بإيصائه به إليه ويكون كمن أوصى بالثلث ولم يبين الجهة مع إخراجه الوارث.

فليتأمل فيها حركت من البحث؛ فإني لا أذكر أن مثله وقع بين يدي الشيخ الإمام رحمه الله.

أصل: العلة تسبق المعلول زمانًا عند أقوام من الفقهاء، وعليه الشيخ الإمام الوالد رحمه الله، وتقاربه عند آخرين، ولعلهم الأكثر، وهو المنقول عن الشيخ أبي الحسن الأشعري رضي الله عنه وسمعت الشيخ الإمام يستدل له بقوله تعالى {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} ١.

وهو استنباط حسن.

وفصل قوم فقالوا: [العقلية لا تسبق الوضعية والوضعية تسبق] ٢.

وربما قال بعضهم: الوضعية تسبق إجماعًا.

وإنما الخلاف في العقلية وعليه يدل كلام القفال والشيخ أبي علي حيث قالا: فيما حكاه عنهما الرافعي في باب العتق "المعلق لا يقارب المعلق عليه، بل يتأخر بلا شك"، وسنحكي ذلك في مسألة، إذا أعتقت نصيبك فنصيبي حر معه -ولكن هذا فيه نظر، والخلاف واقع.

وقد صرح به ابن الرفعة في كتاب الطلاق، ثم ألحق استواء العقلية والوضعية، وإليه أشار الغزالي في الوسيط، في الطلاق. فإن الوضعية أبدًا تحاكي العقل، لا فرق إلا أن تلك مؤثرة بذاتها، ولذلك لا نقول بها، إذ لا مؤثر عندنا إلا الله تعالى.

وقال الغزالي في الوسيط في فصل التعليق بالتطليق ونفيه، وقد تكلم على مسائل٣ من العلة والمعلول سيأتي بعضها: "هذا كلام دقيق عقلي، وربما يقصر نظر الفقيه عنه".

قلت ورأيت في كلام بعضهم أن أزمنة الأحكام المضافة إلى الأسباب أربعة أقسام: مقارن ومتقدم ومتأخر ومختلف فيه، وهأنا أذكر ما ذكره ثم أتكلم عليه.


١ الزمر "٤٢".
٢ في أالعقلية لا تسبق الوضعية وقيل تسبق والمثبت من "ب".
٣ ما بين القوسين سقط من "آ" والمثبت من "ب".