للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الشيخ الإمام رحمه الله في باب الوصية من شرح المنهاج: اعتراض الرافعي إنما هو على لفظ الأسبق؛ ولكن تأويله [يرجع] ١ إلى معنى التعليل الأول، قال وأيضًا فكثيرًا وأكثر الأصحاب على الترتيب الزماني على خلاف ما قال.

قلت الذي يظهر في مسألة إذا أعتقت غانمًا فسالم حر -التخريج على أن العلة مع المعلول أو سابقة؟ فإن قلنا سابقة فقد يقال: يتعين عتق غانم، وقد يقال -وهو الأظهر: لا يتعين لأن علة عتق سالم ليس عتق غانم؛ بل إعتاقه، وفرق بين الإعتاق والعتق، فإن الإعتاق إيقاع والعتق وقوع، والإعتاق سابق، وزمن عتق سالم وغانم واحد، وإن قلنا بالمعية فلا يخفي أنها سابقة بالتربة، وقد يقال: إنه كاف في تعيين غانم، وأما مسألة التقييد بحال إعتاق غانم فيظهر أن يقال: إن قلنا: يسبق العلة المعلول؛ فهذا اللفظ متدافع إذ شرط عتق هذا هو سبق عتق هذا، فكيف يكون مع؟ [فيفسد] ٢ اللفظ ويخرج عن كونه علة، أو يخرج على ما إذا قال "أنت طالق أمس" كما قدمناه عن صاحب البحر.

وإن قلنا: بالمعية؛ فقد يقال بالتدافع أيضًا، لأنه عتق سالم معلل بعتق غانم لا بعتق بعضه، وعتقه جميعًا لا يمكن؛ لأن فيه دفعًا لعتق غانم، والتبعيض يؤدي إلى أن لا توجد الصفة في سالم.

وإذا لم توجد لم يسبق لعتق غانم معارض؛ فيؤدي عتقه إلى عتقه، وهو دور كما ترى، ولعل القاضي والشيخ إلى هذا التقرير أشارا.

وقد يقال: بتعيين عتق غانم لكونه علة وهي وإن لم تسبق المعلول زمانًا سبقته رتبة فكانت أجدر، وقد توجد العلة بدون المعلول لمانع، أما معلول بلا علة فمحال.

وبهذا يتبين لك أن المسألتين ليسا سواء؛ إذ لا يحتمل في الأول بطلان اللفظ البتة. وهذا الاحتمال، في المسألة الثانية، يعضده أن القاضي أبا الطيب نفسه قال هو وغيره كما نقل الرافعي في كتاب العتق: إذا قال أحد الشريكين لشريكه الموسر: إذا أعتقت نصيبك فنصيبي حر حال إعتاق نصيبك، وقلنا: السراية تحصل بالإعتاق. أنه يعتق على الشريكين معًا.

قلت: ولا تدافع هنا، لأن هذا النصف يعتق بكل تقدير.


١ في "ب" فيرجع.
٢ في "ب" فليغسل.