بالتعليقين فلا رجوع له، وإلا فله الرد بالعيب كما لو اشترى عبدًا ثم بان أن نصفه حر، وعلى هذا فيرد العبد كله.
وأطال الرافعي في تفريع هذا، وقال في الموسرين: إن قلنا بتعجيل السراية عتق العبد، لتحقيق حنث أحدهما، والسراية عليه، والولاء موقوف، وإن قلنا: بتوقف السراية على أداء القيمة لم يحكم بعتق شيء منه والحكم كما في المعسرين. انتهى ملخصًا.
وعلى تقدير كونها هي بكون الرافعي قد فاته فيها ما حكيناه من الخلاف، وإن تكن غيرها فتكون قد فاتت الرافعي بالكلية.
والجواب: أن من الأصحاب من زعم أنها هي كما ذكر القاضي ٍأبو سعد الهروي في الإشراف ومنهم من فرق بينهما، وهو الصواب.
ووجه الفرق أن احتمال كون الطائر غرابًا وكونه طائرًا آخر غير غراب سواء ليس لأحدهما على الآخر رجحان؛ فلا يصح التمسك فيه بالأصل، إذ ما من نوع من الطائر إلا ويقال فيه. الأصل أنه ليس هذا، فيكون استعمال الأصل في هذا الأصل منعكسًا في نفسه؛ لأنك إن قلت: الأصل أنه غير غراب؛ فكذلك الأصل أنه غير حمام وأنه غير باز وأنه غير هدهد، وهكذا إلى أن ينتهي عدد كل طائر، وكل شيء انعكس بنفسه لم يصح التمسك به.
فوضح أنه لا اعتماد على الأصل في مسألة الغراب، بخلاف عدم دخول الدار، فإن التمسك فيها بالأصل مستقيم، ومن ثم عينه بعض الأصحاب، وذهب إلى إلغاء العتق عليه حذرًَا من نفي النقيضين أو إثباتهما.
ووضح بهذا أن مسألة الدخول ليست في الرافعي؛ بل لم أقف عليها في شيء من تصنيف الرافعي والنووي، وابن الرفعة في المطلب، لم يذكر مسألة الدخول ولا مسألة الغراب هذه. ومن فوائد هذا الرفع أن الإمام لما حكى الوجه الذي حكاه الشيخ أبو علي -أنه يرد بالعيب- قال:
هذا هو بين لا ينبغي أن يعد مثله من المذهب؛ لأنه لو جوزنا له الرد لعاد كل واحد من الشريكين إلى نصيبه وزال العتق المحكوم به.
قلت: وقد يستضعف عدم الرد ويقال: كيف يلزم بتوفير الثمن على ما لم يسلم بسبب سابق موجود في يد البائع.