للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الورقة على فراش الشيخ الإمام -تغمده الله برحمته ورضوانه- ثم عدت ثاني يوم فوجدته قد كتب بخطه عقيب خطي ما نصه. ومنه نقلته "وهذا فيه نظر" وإنما يلزم وقوع الطلاق المعلق، بالنقيضين المذكورين. لو قال: إن طلقتك فوقع عليك طلاقي أو لم يقع فأنت طالق قبله ثلاثًا ثم يقول لها: أنت طالق؛ فحينئذ يحكم بأنها طلقت قبل ذلك التطليق عملًا بالشرط الثاني، وهو عدم الوقوع، لأن الطلاق المعلق مشروط بأحد أمرين: إما الوقوع، وإما عدمه في زمن واحد مستند إلى زمن واحد قبلي- ولا يمكن الحكم بالوقوع القبلي استنادًا إلى الشرط الأول، وهو الوقوع، للزم الدور.

وأما الوقوع في ذلك الزمان القبلي مستندًا إلى عدم الوقوع؛ فلا محال فيه؛ إذ لا يمكن أن يقال: لو وقع فيه لوقع قبله، لأن إنما يحمل القبيلة على القبلية المتسعة، التي أولها عقب التعليق، أو على القبلية التي تستعقب الطلاق؟

فإن كان الأول: لم يمكن وقوع الطلاق قبله؛ لأنه يكون سابقًا على التعليق، وحكم التعليق لا يسبقه وهذه فائدة فرضنا التعليق على التطليق ونفيه بكلمة واحدة.

وإن كان الثاني: لم يكن أيضًا القول بالوقوع قبله استنادًا إلى الشرط الأول؛ لأنه كما تتقيد القبلية القريبة بالنسبة إلى الشرط الثاني كذلك تتقيد بالنسبة إلى الشرط الأول، فلا يكون على تقدم الوقوع، على ذلك الزمان دليل، ولا له موجب، هذا كله إذا كان التعليق بالنقيضين، وأن ما تعلق بالنقيضين واقع كما توهمه القائل؛ بل لأن التعليق بالعدم وأنه لا مانع منه ولا استحالة فيه حتى لو انفرد التعليق بالعدم كان كذلك فلا أثر للتعليق معه على الموجود، وإن وقع في فرض المسألة، فافهم ذلك "انتهى".

وذكر بعده كلامًا طويلًا إلا أنه لم يتمه، فتركت كتابته، واقتصرت على هذا لحصول الغرض منه، وكتبته في الطبقات الوسطى في ترجمة ابن دقيق العيد.

والشيخ الإمام وقف على هذه الطبقات، وعلى ترجمة ابن دقيق العيد نفسها، وقرأ ما كتبته من خطه هنا، وسكت عليه، ثم رأيته بعد موته رحمه الله ذكر المسألة في باب الوكالة من "شرح المنهاج"، وقال هو جعله لازمًا للنقيضين وليس كل ما جعله لازمًا [للنقيضين] ١ يصير لازمًا؛ لأن المانع من وقوعه يمنع اللزوم.


١ سقط في "ب".