للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: وذكرت في باب الاجتهاد من شرح المختصر أن في الفرق عمومًا وأنا أبين الفرق الآن.

فأقول: إنما لم يجز لأن أمر الفتيا أهم في نظر الشارع من تحمل الشهادة، لتعلق الفتيا بأمر الدين وبعموم الخلق، وأما الشهادة فغالب متعلقها أمور الدنيا، وهي خاصة بالآحاد، وشأن فرض الكفاية أن يكون مهمًا من مهمات الشارع؛ وذلك في الفتيا، لأن في عدم التعيين جر إلى التواكل المفضي إلى ضياع الدين وجهل المكلفين بأحكام رب العالمين، ولا كذلك أداء الشهادة، فإن غايته ضياع حق دنيوي لبعض الآحاد، فأنى يستويان.

ونظير الشهادة قبول الوديعة؛ فليس يؤول عدم قبولها لأكثر من ضياعها، وليس ضياع مال حقير أو جليل لواحد من الآحاد في نظر الشارع بمنزلة ضياع الدين.

فإن قلت: هذا يجر إلى أن تحمل الشهادة ليس فرض كفاية، ولا قائل به.

قلت: الفروض على الكفاية أصل التحمل، وهذا لا يقدح فيه، ثم فروض الكفاية متفاوتة المراتب فلا يلزم من تعين أعلاها بالطلب تعين أدناها.

ونظير الفتيا إذا دعي للقضاء من هناك غيره فإن ولايات القضاء ضرورية في نظر الشارع، ومن حيث إنها أهم من الفتيا بل هي فتيا وزيادة كان الخلاف في تعينه على من طلب منه أقوى من الخلاف في تعين الفتيا على من] طلبت منه فيما يظهر وإن اشتركا في أن الصحيح فيها عدم التعيين ويدل على أن أقوى أن الأصح إجبار واحد على القضاء إذا أبى الصالحون جميعًا.

وأما أحد الأولياء يطلب منه تزويج المرأة [فواضح] ١.

مسألة:

السنة والنافلة والتطوع والمستحب والمندوب والمرغب فيه والمرشد إليه والحسن والأدب ألفاظ مترادفة عند فقهائنا.

ومنهم من قال: السنة ما واظب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. والمستحب ما فعله أحيانًا، والتطوع ما ينشئه الإنسان ابتداء مما فعله أرجح من تركه مثل [الشروع] ٢ في ألفاظ المعاملات، وهنا أقاويل مختلفة والحاصل: أن ما رجح جانب فعله على جانب تركه ترجحًا


١ سقط في "ب".
٢ في "ب" التبرع.