للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسألة:

الرخصة حكم شرعي اقتطع لعذر تسهيلًا عن أصل قائم السبب: أن المقتضى بخلاف حكمها موجود ولكن لم يعمل عمله فكأنها مانع خاص.

وإذا تأملت هذا التعريف عرفت أنه لا يمتنع كون الواجب رخصة، وفي كلام الإمام في النهاية وغيره تردد في أن الواجبات هل يوصف شيء منها بالرخصة. وأنا أقول: الرخصة ما ذكرناه؛ فإن كان هناك وجوب فالقدر الزائد على الحل ليس هو مسمى الرخصة ولكنه شيء جائز مجامعته لها، وقد ذكرت هذا في شرح المختصر، جامعًا به بين كلام الفقهاء والأصوليين رادًا به على من يعتقد أن شيئًا من الرخص لا يكون واجبًا بل اعتقد بعضهم أن الرخصة لا تكون سنة، ومن ثم قال أبو الطيب بن سلمة: الصلح مندوب إليه وليس رخصة" وخالفه ابن أبي هريرة.

وأنا أقول في السنة ما أقول في الواجب من أنها قدر زائد على الرخصة تجوز تجوز مجامعته له، وقد صرح الأصحاب ومنهم الرافعي في آخر باب صلاة المسافر أن جميع الرخص يستحب ارتكابها ويكره تركها لمن وجد من نفسه كراهتها حتى تزول الكراهة.

تنبيه: علمت ما ذكرناه في الرخصة وتبين لك به أن الوجوب أو الاستحباب قد يجامعها ولا يكون داخلًا في مسماها، ولو قيل: الرخصة هي ما لا تغير شيئًا من ثواب الأصل؛ إن كان ذا ثواب لكان حسنًا، فإذا قلنا: الإبراد رخصة فمعناه أن فضيلة التقديم تحصل به وإن أخر الصلاة عن أول الوقت ثم إذا حصلت [منه] ١ كان سنة ولا يلزم من ذلك أن يكون أفضل الصلاة في أول الوقت بل غايته المساواة وعلى هذا دلت عبارة الرافعي، ومن تبعه فإن حاصلها أن الإبراد وأن فيه [وجها] ٢ أنه رخصة فلو تحمل المشقة وصلى في أول الوقت كان أفضل. وصرح القاضي الحسين بحكاية وجهين في أنه هل الأفضل الإبراد أو التعجيل؟ بعد حكايته الاتفاق على أن الإبراد سنة.

قلت: والحاصل أن التعجيل سنة والإبراد رخصة لا تنقض ثواب السنة. هذا غاية ما يؤخذ من كونه رخصة وهل انضم إليها أنه أفضل من الإبراد فيكون مع كونه رخصة مطلوبًا لنفسه أو لا؟


١ في "ب" به.
٢ في "ب" وجه.