للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"أي" نحو: أيما إهاب دبغ فقد طهر١؛ لأن طهارة هذا الإهاب غير طهارة الإهاب الآخر.

والحاصل أن ثبوت الحكم للأفراد قد يكون في حالتي اجتماع كل فرد مع الآخر وحالة انفراده؛ وذلك لعموم الشمول، وهو عموم كلي.

وقد يكون حالة الانفراد من غير تعرض لحالة الجمع؛ وذلك عموم "أي" وما في معناها، وهو العموم البدلي.

وقد يثبت للماهية من غير تعرض للأفراد، وهو المطلق، وقد يسمى أيضًا عمومًا بدليًا. ومما يدل على الفرق بين "كل" و"أي" أنك تقول: كل الثلاثة ضربك وضربوك. ولا تقول "أي" الثلاثة ضربوك، بل ضربك؛ فدل على أن معناها: أحد الأشياء لا جميعها ومن ثم إذا قال: أي عبيدي حج فهو حر فحجوا كلهم يعتقون خلافًا للغزالي حيث قال لا يعتق إلا واحدًا".

ومن مسائل "أي" المشهورة مسألة محمد بن الحسن رضي الله عنه قال إذا قال أي عبيد ضربك فهو حر [فضربوه عتقوا جميعًا وإن قال أي عبيدي ضربته فهو حر] ٢ فضربهم لا يعتق إلا واحدًا وفي تعليق القاضي الحسين ما يقتضيه ونازع فيه الوالد رحمه الله، وأطال في المسألة في كتابه [المشهور] ٣ فلينظر فيه. وقد أجاب فخر الإسلام الشاشي بالتعميم في المسألة حتى يعتق جميع الضاربين في المثال الأول. وجميع المضروبين في الثاني.

وقد يستدل بقول الأصحاب: لو قال لنسائه: أيتكن حاضت فصواحباتها طوالق وقع بحيض كل واحدة منهن على البواقي طلقة -كذا ذكره الشيخ في التنبيه وغيره والرافعي لم يذكر المسألة إلا بصيغة "كلما".

وحاصل ما فرق به محمد بن الحسين رضي الله عنه أن فاعل الفعل في الكلام الأول وهو الضمير في ضربك عام لأنه ضمير أي، وحينئذ فيكون الفعل الصادر عنه عامًا.


١ مسلم ١/ ٢٧٧ في الحيض/ باب طهارة جلود الميتة بالدباغ "١٠٥- ٣٦٦".
٢ سقط في "ب".
٣ في "ب" المذكور.