الصباغ رحمه الله أن أبا نصر سئل عن من رأى رجلًا يكلم امرأة هل له أن ينكر عليه؟ فقال بمجرد الكلام ليس له الإنكار إلا أن تكون مكشوفة الوجه وهي ممن يخاف بها الافتتان ورآه ينظر إليها.
قيل له: فإن أدعي أنها زوجته؟ قال: إن صدقته فلا ينكر، وإن سكتت فلم تصدفه ولم تكذبه- قال ينبغي أن يسقط الإنكار. انتهى.
والذي نقله الرافعي عن المارودي وسكت عليه فيمن رأى رجلًا واقفًا مع امرأة في شارع مطروق أنه لا ينكر عليه وإن كان في طريق خال؛ فهو موضع ريبة فينكر ويقول: هب أنها محرم لك فصنها عن مواقف الريب.
ومنها: حلف لا يدخل الدار فحمل بإذنه فدخل حنث وإن حمل ساكتًا فوجهان أو قهرًا فلا.
ومنها: من قصد قطع يد الغير ظلمًا فسكت المقصود حتى قطع فالأصح عند الرافعي في باب استيفاء القود أن سكوته لا يكون إهدارًا والوجهان مأخوذان من تردد الأصحاب في أن الزانية لا تستحق المهر؛ فقيل: لأن الوطء غير محترم، وقيل: لأن التمكين رضا في العرف وعليه فالتمكين من القطع إباجة.
ومنها: السكوت في جواب الدعوى كالإنكار.
ومنها: باع بالغًا وهو ساكت جاز الإقدام على شرائه لأنه لو كان حر التكلم فسكوته كالتصديق خلافًا للشيخ أبي محمد فيما حكاه الرافعي عنه في أوائل باب الدعوى.
ومنها: الأمان يرتد برد الكافر؛ فلو سكت ففي كونه قبولًا تردد للإمام.
قال: والظاهر أنه لا بد من القبول وهو المذكور في الوجيز واكتفى في التهذيب بالسكوت.
قلت: وهو الأرجح.
ومنها: المودع والمستعير إذا سكتا عن إتلافهما مع القدرة على الدفع ضمنًا.
تنبيه:
إذا تأملت هذه الفروع عرفت أنا لم ننسب إلى ساكت قولًا في شيء منها وإن ألمزمناه غرمًا أو علقنا به ضمانًا أو نسبنا إليه رضنا أو نزلنا سكوته منزلة منكر فكل ذلك