للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاعتقاد الصحيح الذي هو مطلوب وبه تحصل النجاة لما كان أمرًا خفيًا لكونه في الضمير علقت الأحكام بالكلمة الظاهرة حتى لو توفرت القرائن الدالة على أن الباطن مخالف للظاهر كما إذا أكره على الإسلام بالسيف لا ينال بها وندير الحكم على الكلمة وإن مناط التكليف وهو العقل والتمييز لما كان خفيًا يحصل على التدريج ويختلف باختلاف الأشخاص والأحوال أعرضنا عن تتبعه وعلقنا البلوغ بالسن والاحتلام. انتهى.

ومراده بالذي يصح إسلامه وإن أكره بالسيف الحربي أما الذمي فالصحيح عنده أنه لا يصح إسلامه مكرهًا.

وإذا ظهر لك أن التعليق بالظاهر المنضبط دأب الشرع دون الخفي المضطرب.

ولك أن تقول: التعليق بالظاهر لانضباطه أولى من الخفي لاضطرابه.

ثم يختلف الظهور والخفاء؛ فقد يطلب من الظهور في حق شخصين ما لا يطلب في حق شخص واحد لكونه أخبر بنفسه، وفي حق أشخاص ما لا يطلب في حق شخصين.

ألا ترى إلى منع انعقاد النكاح بالكنايات لجريانه بين موجب وقابل وشاهدين، وثبوت الطلاق والعتاق والإبراء بالكناية لاستقالال المرء بها والتردد في البيع على وجهين لاحتياجه إلى شخصين موجب وقابل.

ومن ثم ظهر لك أن الأب إذا اشترى مال ابنه من نفسه أو بالعكس انعقد بالكناية ولا يطرقه الخلاف فيما يظهر، ولأجله قيل: تكفي فيه النية ولا يحتاج إلى لفظ مطلقًا وهو وجه حكاه الماوردي.

ومن الأمور المتعلقة بالظواهر المنضبطة كلمة الإسلام والبلوغ ومطلق تغيب الحشفة حيث يطلب الوطء كما ذكر الرافعي فكل حكم تعلق بالوطء كفى فيه تغييب الحشفة من الغسل والزنا والتحليل والعنة واستقرار المهر؛ وهكذا إلى نحو من مائة حكم ومنها: البيع مناطه الرضا، ولما كان أمرًا باطنًا لا يطلع عليه نيط بالإيجاب والقبول.

ومن ثم تبين لك ضعف القول بانعقاد البيع بالمعاطاة على أنه بيع، والقائل به يعتذر بتوفر القرائن فيه؛ وإنما بيع، لأني أميل إلى أنه مسامحة.