للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن قال: لا تجب الكتابة ويجب الإيتاء وهو جادة مذهب الشافعي رضي الله عنه لم يبال بدلالة الاقتران وقال: لا حجة فيها.

وقال إمام الحرمين: لم أر على مذهب الشافعي رضي الله عنه مسألة أصعب مسلكًا من مسألة الإيتاء.

ومنها: قوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِير} مشهور المذهب أنه لا يجب الإطعام ولا يجب الأكل.

ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم: [حتيه] ١ ثم اقرصيه ثم اغسليه بالماء.

قال الشافعي رضي الله عنه: الماء متعين لإزالة النجاسة ولم يبال باقترانه بما ليس بواجب -وهو الحث والقرص.

مسألة:

الاستحسان قال به أبو حنيفة رضي الله عنه، واشتد النكير عليه سلفًا وخلفًا حتى قال الشافعي [رضي الله عنه] فيما نقل عنه الثقات: من استحسن فقد شرع.

وأنا لم أجد إلى الآن هذا في كلامه نصًا ولكن وجد في الأم في الإقرار والاجتهاد ما يدل على أنه يطلق على القائل به أبلغ من الاستحسان فلقد قال في هذا الباب: إن من قال بالاستحسان فقد قال قولًا عظيمًا ووضع نفسه في رأيه واجتهاده واستحسانه على غير كتاب ولا سنة موضعها في أن يتبع رأيه كما ابتغاه، وفي أن رأيه أصل ثالث أمر الناس باتباعه.

وهذا خلاف كتاب الله عز وجل لأن الله تعالى إنما أمر بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم.

ثم قال رضي الله عنه ما حاصله: أن المستحن لا يتمسك بخلاف القايس، وإن القايس كان لا يأمن الخطأ إلا أنه برجوعه إلى أصل من كتاب وسنة مؤد لفرضه بخلاف المستحسن. وأطال في ذلك بحق من القول.

ثم قال: فإن قال قائل: هذا ممن يعقل ما تكلم فتكلم به بعد معرفة هذا، فأرى للإمام أن يمنعه، وإن كان غبيًا علم حتى يرجع. واعلم أن القوم لما اشتد عليهم النكير في الاستحسان أخذوا في تفسيره بأمور لا خلاف فيها، وقد عرفت في كتب الأصول.


١ سقط في "ب".