للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والفرق بين التخيير والإباحة أن التخيير لا يكون إلا بين ممنوعين في الأصل كالدينار والدرهم في المثال وقيل فيه تخيير؛ لأن المخير لا يأخذ غالبًا إلا خيرهما ومن ثم لا يجوز الجمع بين الشيئين المخير بينهما.

والتي للإباحة لا تكون إلا بين مباحين في الأصل، ومن ثم يجوز الجمع بين المعطوف والمعطوف عليه.

فائدة: قدمنا أن موضوع "أو" أحد الشيئين أو الأشياء، وأن المعاني المذكورة مستفادة من مورد الكلام لا من موضع أو فلا يزيد [مدلولها] ١ على ما ذكرناه؛ فعلى هذا إنما جاز قولك جالس الحسن أو ابن سيرين وأنت تريد جالسهما باعتبار الوقت الذي يجالس فيه أحدهما غير الآخر وتقع الواو مكانها باعتبار أنك أمرته بمجالستهما، أو أنهما جميعًا أهل للمجالسة، فإن أردت هذا وجالس أحدهما لم يكن عاصيًا.

وعلى هذا المعنى الأخير أخذ مالك رضي الله عنه قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} ٢ وأخذها الشافعي على معنى التشريك وهو الأصح أو الصواب، وتقول اشتر هذا بعشرة أو تسعة باعتبار أن الواقع الشراء بأحدهما، ويجوز وضع الواو مكانها باعتبارها أنك جعلتهما معًا ثمنًا، وكذا تقول خذه بما عز أو بما هان أو بما عز وهان بالاعتبارين، وإيقاع "أو" إنما يكون حيث يمكن فيه تلك الملاحظة كما ذكرنا فلا يجوز استعمالها في نحو جلست بين يدي زيد وعمرو، ولا في اختصم زيد وعمرو واشترك زيد وعمرو؛ لأن هذا كله لا يمكن فيه تلك الملاحظة.

قال شيخنا أبو حيان فيما إذا لم تأت "بأو" في نحو جالس الحسن أو ابن سيرين؛ بل أثبت بالواو المعاقبة لها قال أصحابنا إنه بالواو لا يجوز له مجالسة أحدهما دون الآخر وبأو يجوز.

قلت: وعليه إذا قال: مع هذا.

مسألة:

"إذا" ظرف مستقبل خافض لشرطه منصوب بجوابه؛ فإذا قال: إذا أعطيتني ألفًا فأنت طالق بإعطائها لكن يشترط الإعطاء على الفور كما قلنا في إن لقرينة العوضية [ولا دلالة له] ٣ على مطلق الزمان، فالفور في إذا أوضح منه في إن


١ في "ب" مدلولنا.
٢ سورة التوبة "٦٠".
٣ في "ب" ولا ذا دلالة.