للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني هو الأول يرد عليه قوله تعالى في سورة المائدة: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} ١ وكذلك في سورة العنكبوت: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ} الآية٢ ولا يخفي أن الكتاب في الآيتين ثانيًا غيره أولًا -وهما معرفتان- وقولهم في النكرتين: أنهما غيران قد يورد عليه نحو: قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً} ٣ ولا يخفى أن الضعف ثانيًا هو الأول -وهما نكرتان.

وكذلك قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} ٤، وقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} ٥. فإن قلت: قد عرف الاتحاد فيما يكون من خارج.

قلت: فقيد إطلاقك أن النكرتين غيران بما يندفع عنه مثل هذا، ولا يتبين لي الآن تحريرًا لتقييده.

ومما يرد أيضًا قول أصحابنا قاطبة -في أنت طالق نصف طلقة وربع سدس طلقة- إن الواقع واحدة بخلاف ما إذا عطف بالواو فقال: نصف طلقة وربع طلقة وسدس طلقة وكان قضية القاعدة أن يكون ثلاث طلقات في الصورتين، ولا أثر للعاطف.

وقالوا -في عبتك نصف وثلث وسدي دينار: إنه له دفع شق من دينار، ولا يجب دفع دينار صحيح.

وفيه للوالد رحمه الله منازعة لسنا لها الآن، وقد حاول الأخ سيدنا وشيخنا وبركتنا شيخ الإسلام ومحقق العلماء وبركتهم أبو حامد أحمد -أحمد الله عواقبه- في كتاب شرح التلخيص تحرير القاعدة فقال ما ملخصه: التحقيق أن يقال: إن كان الاسم عامًا في الموضعين فالثاني هو الأول؛ لأن ذلك من ضوررة العموم، وسواء كانا معرفتين [عامتين] ٦ أو نكرتين حصل لهما العموم بالموقع في سياق النفي.

أما إذا كانا عامين -وهما معرفة ونكرة- فسنذكره.


١ المائدة آية: ٤٨.
٢ العنكبوت آية: ٤٧.
٣ سورة الروم آية: ٥٤.
٤ سورة البقرة آية ٢١٧.
٥ سورة الزخرف آية: ٨٤.
٦ في "ب" عامين.