أخرى: الأصل في الربويات عندنا التحريم خلافًا لأبي حنيفة.
الثانية والعشرون بعد المائة:
"أصح القولين أن حجر المفلس حجر مرض لا سفه ولا رهن".
ولا نعني بقولنا:"إنه حجر مرض" أنه يثبت للأحكام حجر المرض كلها كذلك إذا غلبنا أحد الجانبين على الآخر في مثل الظهار [طلاق] ١ أو يمين.
يوضح هذا بأن المريض يسوغ له الأقدام على التصرف ويحكم بصحتها ظاهرًا ولا خلاف أن المفلس ممنوع من التصرف وإن قبل بتنفيذه فيما بعد.
فإن قلت: فإذا كان كذلك فلا فائدة في هذه القاعدة وأمثالها، إذ لا فائدة غير إجراء الأحكام على قضية قاعدتها.
قلت: قال الوالد رحمه الله في "شرح المهذب": بل فائدة معرفة حقيقة ذلك الشيء وسره المقصود به قال: والفقيه يعلم أن الشيئين المتساويين في الحقيقة وأصل المعنى قد يعرف لكل منهما عوارض تفارقه عن صاحبه وإن لم تغير حقيقته الأصلية فالفقيه الحاذق يحتاج إلى تيقن القاعدة الكلية في كل باب ثم ينظر خاصًا في كل مسألة، ولا يقطع شوقه عن تلك القاعدة حتى يعلم هل تلك المسألة يجب سحب القاعدة عليها أو تمتاز بما ثبت له تخصيص حكم من زيادة أو نقص؟
ومن هذا يتفاوت رتب الفقهاء فكم من واحد متمسك بالقواعد قليل الممارسة للفروع ومأخذها يزل في أدنى المسائل وكم من آخر مستكثر من الفروع ومداركها قد أفرغ صمام ذهنه فيها غفل عن قاعدة كلية فتخبطت عليه تلك المدارك صار حيران، ومن وفقه الله لمزيد العناية جمع بين الأمرين فيرى الأمر رأي عين انتهى كلامه في باب التفليس من تكملة شرح المهذب.
فهذه القواعد التي سردناها هي التي تكثر فروعها وتتشعب مواقع الأنظار إذا كان إليها نزوعها، ومن حققها صار بعلوم الشريعة حقيقًا، وبالفتيا في مصاردها ومواردها خليقًا.