للأول؛ فإن الإمام إنما جعل تخصيص العام أولى توصلا إلى الفرق في مسألتي النص، وأنا أذكرهما، وأتكلم عليهما. فأقول: نص الشافعي –رضي الله عنه- على أنه إذا قال: أنت طالق ثم قال: أضمرت إن دخلت الدار، لم يقبل منه ظاهرا، وفي التديين وجهان، قال الإمام: أقيسهما أنه لا يدين. قلت:[وقد تقدم] ١ قول الرافعي: أن كبراء المذهب على ترجيح التديين، ثم ذكر الإمام أن الخلاف جار فيما إذا قال: أضمرت إلى شهر أو ما جرى هذا المجرى من تأقيت أو تعليق، ثم ذكر بعد ما حكى خلاف التديين أن –الشافعي نص على أنه إذا قال لامرأته: إن كلمت زيدا، ثم قال: أردت إن كلمته شهرا، لا يقع الطلاق باطنا بعد الشهر. والحاصل أن نص الشافعي يدل على أنه إذا نوى إن دخلت الدار لا يدين وإذا نوى إلى شهر يدين ففرق بين الزمان والمكان فهل من فارق ظاهر؟
كلام جماعة أنه لا فرق، ومنهم القاضي مجلى؛ فإنه حكى الوجهين في التديين في إن دخلت الدار، ثم ذكر نص الشافعي فيما إذا قال: أردت إلى شهر، وقال هذا الفرع مثل الفرع قبله، وهو إذا نوى التعليق فإن فيه وجهين كذلك ينبغي ها هنا. ومنهم الرافعي كما سنعرف.
وألم الإمام –رحمه الله- بفرق، فقال: وللفقيه أدنى نظر في هذا فإن قول القائل: إن كلمت زيدا متعلق بالأزمان –على العموم- ظاهر، بخلاف إن دخلت الدار فإن اللفظ لا يدل على القيد.
وتبعه الغزالي؛ حيث قال: اللفظ كالعام في الأزمان فإذا قال: أردت شهرا فكأنه خصص العام.
قال الرافعي: وقد يقال: هذا بمثله، فيقال: اللفظ عام في الأحوال إلا أنه خصصه بحال دخول الدار.
قلت: وقد تضعف المقابلة، ويقال: أليس قد نبه الإمام على أن اللفظ لا ينبيء عن الأحوال؛ وإنما ينبيء عن الأزمان. فكيف يقال له بعد ذلك اللفظ عام في الأحوال؟ نعم لمنازع أن ينازع في دلالة اللفظ على الزمان.