يقبل إلا إذا كان القائل ممن يعتقد تحريم الجمع في قرء واحد، وكذا لو اقتصر على قوله ثلاثا. ثم فسر بالتفريق لا يقبل. انتهى.
ويعني بقوله في الثانية عدم القبول مطلقا ممن يعتقد تحريم الجمع ومن لا يعتقد لأن الأصحاب أطلقوا عدم القبول هنا كما أطلقوا في الأول، وما قيده صاحب التتمة إلا في الأولى، فبقيت الثانية على إطلاقها.
إذا عرفت هذا فاعلم أن النووي –رحمه الله- قدم في اختصاره من كلام المحرر. فأخر، فأوهم أن القبول من معتقد تحريم الجمع يشمل الصورتين؛ فقال في "المنهاج"، ولو قال: أنت طالق ثلاثا أو ثلاثا للسنة، وفسر بتفريقها على الأقراء لم يقبل إلا ممن يعتقد تحريم الجمع.
وسل القاضي شرف الدين البارزي١ في التمييز من هذا فإن عبارته:"لم يقبل إلا في الثانية" فيمن يعتقد تحريم الجمع فلله دره؟
ومن أهم ما ينبه عليه هنا أن هذا الاستثناء الذي ذكره صاحب التتمة وهو كالمنفرد به –وإن اختص بقوله: أنت طالق ثلاثا للسنة؛ فهل الأمر على ما ذكره، أو الراجح خلافه؟ ولا يستدل بسكوت الرافعي والنووي عليه على أنه الراجح عندهما. هذا موضع نظر قد يدل كلام كثير منهم على أنه لا فرق بين معتقد تحريم الجمع وغيره؛ فإن صاحب الحاوي قال بعدما ذكر أن أنت طالق ثلاثا للسنة توجب وقوعهن معا عندنا خلافا لأبي حنيفة ومالك؛ فعلى هذا لو قال: أردت محتمل وهو يخالف الظاهر، فلا يقبل منه في الحكم. وتبعه صاحب البحر وجماعة منهم صاحب البيان وعبارة البيان: فإن قال: أردت السنة، على مذهب مالك وأبي حنيفة، أنه يقع في كل قرء طلقة لم تقبل في الحكم. وقال الإمام -رحمه الله- في النهاية: لو قال أنت طالق ثلاثا، وزعم أنه أراد التفريق على الإقراء؛ فهذا لا يقبل ظاهرا، وهل يدين؟ يلتحق
١ شرف الدين هبة الله الجدهني بن البارزي الحموي كان إماما راسخا في العلم صالحا خيرا محبا للعلم ونشره محسنا إلى أهله ولد بسادس شهر رمضان سنة خمس وأربعين وستمائة بحماة له المصنفات العديدة المشهورة وصارت إليه الرحلة وتوفي بها في ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة ابن السبكي ٦/ ٢٤٨، الاسنوي ١/ ١٣٥، الدرر الكامنة ٤/ ٤٠١.