وهذا الإبهام هنا يشار إليه بالأصابع، وتعقد عليه الخناصر، فإن الشيخ عز الدين رحمه الله تعالى أجاد فيه إلى الغاية، ولم يتفق له في نظم بديعيته بيت نظيره، ولا اتفق لغيره ممن نظم بديعية، فإنه جمع بين السهولة والانسجام والتصوير والتورية البارزة في أحسن القوالب، بتسمية نوع الإبهام الذي هو المقصود، ولعمري إنه بالغ في عطف القلوب بهذا السحر الحلال. ولم ينظم العميان في بديعيتهم هذا النوع، وبيت بديعيتي:
فإن الإبهام هنا بين بهيم الليل وبين العاذل، فإن اشتراك البهيم صالح لهما، ولكن لم يحصل التمييز لأحدهما عن الآخر، كما وقع الشرط بين الأمر بينهما مبهمًا، ولا يعلم من هو المقصود منهما، وهذا هو الفرق بين الإبهام والتورية، إذ المراد من التورية المعنى البعيد المورى عنه بالقريب.