للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ذكر التذييل]

والله ما طال تذييل اللقاء بهم ... يا عاذلي وكفى بالله في القسم

التذييل، هو أن يذيل الناظم أو الناثر كلامًا، بعد تمامه وحسن السكوت عليه، بجملة تحقق ما قبلها من الكلام، وتزيده توكيدًا وتجري مجرى المثل، بزيادة التحقيق.

والفرق بينه وبين التكميل، أن التكميل يرد على معنى يحتاج إلى الكمال. والتذييل لم يفد غير تحقيق الكلام الأول وتوكيده. ومن أعظم الشواهد عليه قوله تعالى: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} ١ فالجملة الأخيرة هي التذييل الذي خرج كلامه مخرج المثل السائر. ومثله قوله تعالى: {ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ} ٢ فالجملة الأخيرة، هي تذييل خرج في الكلام مخرج الأمثال التي ليس لها مثيل، وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ} ٣ ففي هذه الآية الشريفة تذييلان: أحدهما قوله تعالى: {وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا} ، فإن الكلام كان قد تم قبل ذلك وحسن السكوت عليه، والآخر قوله تعالى: {وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ} فخرج الكلام مخرج المثل السائر.

ووقع ذلك في السنة الشريفة، وهو قول النبي -صلى الله عليه وسلم: "من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حنسة، وإن عملها كتبت له عشرًا، ومن هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب عليه،


١ الإسراء: ١٧/ ٨١.
٢ سبأ: ٣٤/ ١٧.
٣ التوبة: ٩/ ١١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>