للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ذكر العقد]

قد صح عقد بياني في مناقبه ... وإنّ منه لسحرًا غير سحرهم

العقد ضد الحل؛ لأن العقد نظم المنثور والحل نثر المنظوم. ومن شرائط العقد أن يؤخذ المنثور بجملة لفظه أو بمعظمه، فيزيد الناظم فيه وينقص ليدخل في وزن الشعر، ومتى أخذ بعض المنثور دون لفظه كان ذلك نوعًا من أنواع السرقات، ولا يسمى عقدًا إلا إذا أخذ الناظم المنثور برمته، وإن غير منه طريقًا من الطرق التي قدمناها كان المتبقي منه أكثر من المغير، بحيث يعرف من البقية صورة الجميع، كما فعل أبو تمام، في كلام عزى به الإمام علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه- الأشعثَ بن قيس، في ولده، وهو: إن صبرت صبر الأحرار، وإلا سلوت سلوّ البهائم، فعقده أبو تمام شعرًا فقال:

وقال علي في التعازي لأشعثٍ ... وخاف عليه بعض تلك المآثم

أتصبر للبلوى عزاءً وحِسبة ... فتؤجر أم تسلو سلوّ البهائم١

وبيت الشيخ صفي الدين قوله:

ما شب من خصلتي حرصي ومن أملي ... سوى مديحك في شيبي وفي هرمي

المقصود، في هذا البيت، من العقد، قول النبي، صلى الله عليه وسلم: يشيب ابن آدم ويشب فيه خصلتان: الحرص وطول الأمل.

والعميان ما نظموا هذا النوع في بديعيتهم. وبيت الشيخ عز الدين في بديعيته قوله:


١حِسبة: أي تحتسب أجر الصبر عند الله سبحانه وتعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>