للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن التهكم في السنة الشريفة، قوله -صلى الله عليه وسلم: "بشر مال البخير بحادث أو وارث".

وشاهد المدح في موضع الاستهزاء، من النظم، قول ابن الذروي في ابن أبي حصينة من أبيات:

لا تظنن حدبة الظهر عيبًا ... فهي في الحسن من صفات الهلال

وكذاك القسي محدودبات ... وهي أنكى من الظبا والعوالي١

وإذا ما علا السنام ففيه ... لقروم الجمال أي جمال٢

وأرى الانحناء في مخلب البا ... زي ولم يعد مخلب الريبال٣

كوّن الله حدبة فيك إن شئت ... من الفضل أو من الأفضال

فأتت ربوة على طود علم ... وأتت موجة ببحر نوال

ما رأتها النساء إلا تمنت ... أن غدت حلية لكل الرجال

وما أحلى ما ضمنها بقوله:

وإذا لم يكن من الهجر بد ... فعسى أن تزوروني في الخيال

وقول ابن الرومي:

فيا له من عمل صالح ... يرفعه الله إلى أسفل

وقيل إن أظرف ما نظم في التهكم قول حماد عجرد:

فيا ابن طرح يا أخا ... الحلس ويا ابن القتب٤

ومن نشا والده ... بين الربا والكثب

يا عربي يا عربي ... يا عربي يا عربي

وهذا النوع، أعني التهكم، ذكر ابن أبي الأصبع في كتابه "تحرير التحبير" أنه من مخترعاته، ولم يره في كتب من تقدمه من أئمة البديع، والعميان لم ينظموه في بديعيتهم.


١ أنكى: أشد فتكًا وأعمق جرحًا، الظبا: مفردها ظبة وهي حد السيف وشفرته، العوالي: الرماح.
٢ علا السنام: ارتفع السنام وهو الحدبة الموجودة في ظهر البعير، قروم: مفردها قرم وهي العظيم الكبير.
٣ الريبال: الرئبال، الأسد، الذئب.
٤ الطرح: المولود قبل أوانه، الحلس: الجوهر الثمين الذي يبقى مكنونًا لا يخرج، القتب: الرحل، أي المولود على رحل البعير.

<<  <  ج: ص:  >  >>