للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهوينا حلو القوام فنادت ... لا عجيب حلاوة العسال١

من معيني على هوى زاد حتى ... أهملته نصائح العذال

لو رأى عاذلي حقيقة أمري ... لرثاني ولا أقول رثى لي

في جمال الحبيب مت شجونًا ... وبروحي أفدي تراب الجمال

ومثله قول الشيخ برهان الدين القيراطي، من قصيدة يمدح بها الأمير سيف الدين الكريمي، مطلعها:

غرامي فيك يا قمري غريمي ... وذكرك في دجى ليلي نديمي٢

وقال بعده:

وملّني الحميم وصد عني ... ومالي غير دمعي من حميم٣

وكم سأل العواذل عن حديثي ... فقلت لهم على العهد القديم

وعم تسألون ولي دموع ... تخبرهم عن النبأ العظيم٤

ولم يزل القيراطي يحرّر إبريز٥ هذه المعاني إلى أن قال:

فمعوده وناظره وجسمي ... سقيم من سقيم في سقيم

كريمٌ مال بخلًا عن ودادي ... فلمتُ لنحو مخدوم كريم

المخالص بالتورية، على هذا النمط، طريقها مخوف وباب مسلكها مقفل، لا سيما على من كفه من هذا الفن صفر ورجله حافية وليس له محمل.

ومن مخالصي التي ما برحت التورية في أبواب بيوتها خادمه، وكم سلكت هذا الطريق المخوف وعادت إلى بيوتها سالمه، قولي من قصيدة أمتدح بها شرف الدين صدقة ابن الشماع الشهير في دمشق بابن مسعود، وكان من أعز الأصحاب، وممن رشف معنا في ذلك العصر سلافة الآداب، مطلعها:

سهام جفنيك في الحشا رشقة ... رفقًا لما مهجة الشيحي درقه٦


١ العسال: الذي يستخرج العسل.
٢ الغريم: العدو اللدود.
٣ حميم: صديق.
٤ هذا البيت هو عبارة عن آية قرآنية غير فيها الشاعر حتى تتناسب والشعر: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ، عَنِ النَّبَأِ الْعَظِيمِ} النبأ: ٧٨/ ١ و٢
٥ الإبريز: الذهب والفضة.
٦ الدرقة: الترس من جلد خالص.

<<  <  ج: ص:  >  >>