للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شفقة الأهل والولد معروفة، والمشفق إذا رثى لشكوى أهله، أو الولد إذا رثى لشكوى والده، كان ذلك تحصيل الحاصل، والمراد هنا رثى لي العدو، ورق لي الصخر وأشباه ذلك.

قال ابن أبي الأصبع: وما بشعر قلته هنا من بأس:

بي محنتان ملام في هوى بهما ... يرثي لي القاسيان الحب والحجر

لولا الشفيقان من أمنية وأسى ... أودى بي المرديان الشوق والفكر١

رأيت في حاشية، على هذين البيتين بخط رفيع: رحم الله الشيخ، لو قال: الشوق والسهر، كان تم وأحسن. وبيت الشيخ صفي الدين في هذا الباب غاية، فإنه يقول في وصف النبي صلى الله عليه وسلم:

أميُّ خط أبان الله معجزه ... بطاعة الماضيين السيف والقلم

والعميان ما نظموا هذا النوع في بديعيتهم، وبيت الشيخ عز الدين الموصلي رحمه الله:

ومن عطاياه روض وشعته يد ... تغني عن الأجودين البحر والديم٢

الشيخ عز الدين أتى بالتوشيع على الوضع، ولكنه شن الغارة على ابن الرومي، وفك قواعد بيته، وهو:

أبو سليمان إن جادت لنا يده ... لم يحمد الأجودان البحر والمطر

أخذ الأجودين والبحر، ورادف المطر بالديم. وهذا ما يليق بأهل الأدب.

وبيت بديعتي أقول فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ووشع العدل منه الأرض فاتشحت ... بحلة الأمجدين العهد والذمم.

وأنا على مذهب زكي الدين بن أبي الأصبع في قوله: وما بشعر قلته هنا من بأس.

انتهى.


١ الأسى: الحزن، المردي: المميت.
٢ وشع: وشى وزخرف، الديم: الغيوم الممطرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>