للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويعجبني من التشبيه البديع، قول الشيخ عز الدين الموصلي مع حسن التضمين:

وسامري أعار البدر منه سنا ... سموه نجمًا وهذا النجم عرار١

تهتز قامته من تحت عمته ... كأنه علم في رأسه نار

وأما التشبيه الذي ولده الشيخ برهان الدين القيراطي، فإنه من غايات هذا الباب، وهو قوله من قصيدة:

والبدر يستر بالغيوم وينجلي ... كتنفس الحسناء في مرآتها

وقال أبو حفص برد:

والبدر كالمرآة غير صقلها ... عبث الغواني فيه بالأنفاس

والمضمن الربع الأخير من البيت، وهو من شعر أبي بكر محمد بن هاشم.

ومن لطيف التشبيه قول علاء الدين، علي بن أيبك الدمشقي:

منمنم العارض غنى لنا ... أشياء في السمع حلا ذوقها٢

كأنما في فيه قمرية ... تشدو ومن عارضه طوقها٣

ومن التشابيه البديعية التي لم تدرك في هذا الباب، تشابيه الصاحب فخر الدين بن مكانس، في قصيدته المشهورة المشتملة على وصف شجر السرح:

مالت على النهر إذ جاش الخرير به ... كأنها أذن مالت لإصغاء

كأن صمغتها الحمرا بقشرتها الدكـ ... ـناء قرص على أعكان سمراء٤

ومنها في وصف سواد السفينة على بحر النيل:

تسعى إليها على جرداء جارية ... من آلة كهلال الأفق حدباء

سوداء تحكي على الماء المصندل شا ... مة على شفة كالشهد لعساء٥

وتظرف الشيخ عز الدين الموصلي بقوله، في هذا النوع وإن لم يأت ببليغ التشبيه:


١ سامري: نسبة إلى السامرة. العراب: نبات طيب الرائحة.
٢ المنمنم: اللطيف الأعضاء.
٣ قمرية: نوع من الحمام حسن الصوت.
٤ أعكان: جمع عُكن وهو ما انطوى وتثنى من لحم البطن سِمَنًا.
٥ المصندل: المطلي بماء الصندل وهو شجر هندي طيب الرائحة. لعساء: التي في شفتيها سواد.

<<  <  ج: ص:  >  >>