للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الانسجامات، التي ينسجم الدمع لرقتها، قول تلميذه مهيار الديلمي:

ظن غداة البين أن قد سلما ... لما رمى سهمًا وما أجرى دما

فعاد يستقري حشاه فإذا ... فؤاده من بينهم قد عدما١

يا قاتل الله العيون خلقت ... لو أخطأ فكيف صارت أسهما

أودعني السقيم وولى هازئا ... يقول قم واستشف ماء زمزما

ولو أباح ما حمى من ريقه ... لكان أشفى لي من الماء اللما٢

وا بأبي ومن يبيع بأبي ... على الظما ذاك الزلال الشبما٣

كأنما الصهباء في كافورة ... قد مزجت وجلَّ عن كأنما

ومثله قوله:

استنجدُ الصبر فيكم وهو مغلوب ... وأسال النوم عنكم وهو مسلوب

وأبتغي عندكم قلبًا سحت به ... وكيف يرجع شيء وهو موهوب

ما كنت أعلم ما مقدار وصلكم ... حتى هجرت وبعض الهجر تأديب

ومثله قوله وهو في غاية اللطف:

بطرفك والمسحور يقسم بالسحر ... أعمدًا رماني أم أصاب ولا يدري

رنا اللحظة الأولى فقلت مجرّب ... وكرَّرها أخرى فأحسست بالشرّ

ومثله قوله في اللطف:

من عذيري يوم شرفي الحمى ... من هوى جدّ بقلبي مرحا٤

الصبا إن كان لا بد الصبا ... إنها كانت لقلبي أروحا

يا نداماي بسلع هل أرى ... ذلك المغبق والمصطبحا٥


١ يستفري: يتفحص.
٢ اللما: أخذه بأجمعه. وتقدير الكلام: لو أباح ما حمى من ريقه فإن أخذ هذا الريق بأجمعه كان أشفى لي من شرب الماء.
٣ الشبم: من الماء: البارد.
٤ العذير: الناصر والمساعد.
٥ المغبق والمصطبحا: مكان الاغتباق أو مكان شرب الغبوق وهو شرب الخمر مساءً، ومكان الاصطباح وهو شرب الصبوح أي شرب الخمرة صباحًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>