للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن مذهبي في الحب ما لي مذهب ... وإن ملت يومًا عنه فارقت ملَّتي١

هو الحب إن لم تقض لم تقض مأربًا ... من الوصل فاختر ذاك أو خل خلتي٢

ودع عنك دعوى الحب واختر لغيره ... فؤادك وادفع عنه غيك بالتي

وجانب جناب الوصل هيهات لم يكن ... وها أنت حي إن تكن صادقًا مُت

وقالوا تلاف ما بقي منك قلت لا ... أراني إلا للتلاف تلفتي

غرامي أقِم صبري انصرم دمعي انسجم ... عدوي انتقم دهري احتكم حاسدي اشمت

ويا نار أحشائي أقيمي من الجوى ... حنايا ضلوعي فهي غير قويمة

ويا جسدي المضنى تسل عن الشقا ... ويا كبدي من لي بأني تتفتتي

ويا كلما أبقى الضنى مني ارتحل ... فما لك مأوى في عظام رميمية

وماذا عسى عني أناجي توهمًا ... بياء الندا أونست منك بوحشتي

فنفسي لم تجزع بإتلافها أسى ... ولو جزعت كانت بغيري تأست٣

فيا سقمي لا تبق لي رمقًا فقد ... أبيت لبقيا العز ذلَّ البقية

ومن غرامياته التي خلبت القلوب، وعرف العارفون بها طريق التوصل إلى معرفة المحبوب، قوله من قصيدة:

أفهو إلى كل قلب بالغرام له ... شغل وكل لسان بالهوا لهج

وكل سمع عن اللاحي به صمم ... وكل جفن إلى الإغفاء لم يعج٤

لا كان وجده به الآماق جامدة ... ولا غرام به الأشواق لم تهج٥

عذب بما شئت غير البعد عنك تجد ... أوفى محب بما يرضيك مبتهج

وخذ بقية ما أبقيت من رمق ... لا خير في الحب إن أبقى على المهج٦

من لي بإتلاف روحي في هوى رشإ ... حلو الشمائل بالأرواح ممتزج

من مات فيه غرامًا عاش مرتقيًا ... ما بين أهل الهوى في أرفع الدرج

وما أحلى ما قال منها:

قل للذي لامني فيه وعنفني ... دعني وشأني وعد عن نصحك السمج٧


١ الملة: المذهب الديني.
٢ المأرب: الحاجة. خلّى: ترك. الخلة: المصادقة.
٣ تأست: تعزّت.
٤ اللاحي: اللائم. عاج: مر أو مال.
٥ الآماق: المآقي وهي مجاري الدموع من العيون.
٦ الرمق: بقية الحياة.
٧ السمج: الذي لا يطاق. وعُدْ: كُفَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>