للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحسن ما أذكر من أوقاته ... وخير ما أنعت من لذاته

بروزنا للصيد فيه والقنص ... وحوزنا من مره أحلى الفرص

وأخذنا الوحش من المسارب ... وفعلنا في الطير فوق الواجب

لما دنا زمان رمي البندق ... سرنا على وجه السرور المشرق١

في عصبة عادلة في الحكم ... وغلمة مثل بدور التم٢

من كل مبعثوث إلى الأطيار ... تظله غمامة الغبار

قد حمد القوم به عقب السفر ... عند اقتران القوس منه بالقمر

لولا حذار القوس من يديه ... لغنت الورق على عطفيه

في كف محنية الأوصال ... قاطعة الأعمار كالهلال

زهراء خضراء الإهاب معجبه ... مما ثوت بين الرياض المعشبة٣

فاغرة الأفواه للأطيار ... طالبة لهن بالأوتار

كأنها بين المياه نون ... أو حاجب بما تشا مقرون

لها بنات بالمنى معذوقه ... من طينة واحدة مخلوقة٤

سامعة لما تشير الأم ... مع أنها مثل الحجار صم

كأنها والطير منها هارب ... خلف الشياطين شهاب ثاقب

واهًا لها شبه كرات تخطف ... شاهدة بالعزم وهي تقذف

حتى نزلنا بمكان مونق ... إخوان صدق أحدقوا بالملق٥

فيا له في الحسن من محل ... مراد جد ومراد هزل

للطير في مياهه مواقع ... كأنها من ولها فواقع٦

فلم نزل في منزل كريم ... نروي حديث الرمي عن قديم

حتى طوى الأفق رداء الورس ... والتهم المغرب قرص الشمس٧

وابتدر القوم إلى المراصد ... من ساهر ليل التمام ساهد

كالليث يسطو كفه بأرقم ... والبدر يرمي في الدجا بأسهم٨


١ البندق: واحدته بندقة وهي ما يرمى به بواسطة البندقية.
٢ غلمة: غلمان جمع غلام وهو الخادم.
٣ الإهاب: الغلاف الذي يحيط بالنباتات أو بعض الحيوان، الجلد. وثوت: أقامت وسكنت.
٤ معذوقه، معلمة بعلامات.
٥ مونق: يانع الثمار، مفتح الأزهار. الملّق: جمع مفرده: ملق وهو الكاذب.
٦ الفواقع: الفقاقيع التي تعلو سطح الماء.
٧ الورس: نبات يستعمل ثمره للصباغ باللون الأحمر المائل إلى الصفرة الشبيه بالحمرة المغربية.
٨ الأرقم: الغزال إذا طوقت قوائمه باللون الأبيض.

<<  <  ج: ص:  >  >>