للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فابتدرت أجنحة السهام ... صائبة الأغراض والمرامي

تجرح كل سانح نفور ... كأنه بعض شهود الزور

كأن أقطار الفلاة مجزره ... أو روضة من الدماء مزهره

كأن صرعى وحشها كفار ... الموت عقبى أمرها والنار

للمرء فيها منظر أحبه ... يملأ من لحم وشحم قلبه

لله ذاك المنظر المهنا ... أي معاد عن ذراه عدنا

قد ملئت من ظفر أيدينا ... وقد شكرنا فضل ما حبينا

نسير حول الملك المنصور ... كالشهب حول القمر المنير

محمد ناصر دين أحمد ... الملك ابن الملك المؤيد

يا حبذا من والد ومن ولد ... وحبذا من شبل ملك وأسد١

فرع زها بأصله أيوب ... فأثمرت بحبه القلوب

قال الأنام حظه جليّ ... قلت نعم وجده عليُّ

ذاك الذي سام العلا صبيا ... وجاءها من مهده مهديا

محكم السطوة سحاح الديم ... يأخذ بالسيف ويعطي بالقلم

لو لمس الصخر لفاض نهرا ... أو صحب النجم لعاد بدرا

لا ظلم يلفى في حماه العالي ... إلا على العداة والأموال

أما ترى الدينار منه خائفًا ... أصفر من كف الهبات ناشفا

كالبدر في سنائه وتمه ... والطود في وقاره وحلمه

مرأى يشف عن فخار أصل ... ونسخة قد قوبلت بالأصل

ما ضر من خيم في جنابه ... أن لا تكون الشهب من أطنابه

جناب عزٍ جاره لا ينكب ... وباب نجح للغنى مجرب٢

غنيت في ظلاله عن الورى ... غني نزيل المدن عن قصد القرى

ورحت من نعماه بالتواتر ... أروي أحاديث عطا عن جابر

يزداد لفظي بهجة ورونقا ... كأنه الخمر إذا تعتقا

إن لم أرم ذاك الحمى العالي فمن ... ينصرني على تصاريف الزمن

يا ناصر الدين دعاء مادح ... ما بين روضات السطور صادح

حسبك مثلي في الأنام شاعرا ... وحسب شعري قوة وناصرا


١ الشبل: ابن الأسد.
٢ لا ينكب: لا يصاب بنكبة وهي الكارثة والمصيبة. النجح: النجاح، والغنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>