للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتح الدين المشار إليه في هذا النوع، قبل تيمورلنك، وذكر أنه في غاية العقادة، وقد تقدم القول وتقرر: أن المراد من تركيب هذا النوع نثرًا كان أو نظمًا غير كثرة العدد، والمبرز فيه هو الذي يأتي به رقيق الألفاظ سهل التركيب، رافلًا في حلل الانسجام. وممن استوعب هذه الشروط في كلام منثور، مولانا قاضي القضاة شرف الدين شيخ الإسلام ابن البارزي الجهني الشافعي نور الله ضريحه بقوله: "سور حماه بربها محروس" ومن الغايات أيضًا، في هذا النوع، قول العماد الكاتب، وقد مر عليه القاضي الفاضل راكبًا: "سر فلا كبابك الفرس". فأجابه الفاضل على الفور، وقد علم القصد: "دام علا العماد". وقال الحريري في المقامات:

إن أحببت أن تنظم ... فقل للذي تعظم

آس أرملا إذا عرا ... وارع إذا المرء أسا١

قلت: وهذا النظم أيضًا، لا يخفى أنه يتجافى عن الرقة بغليظ لفظه. ومن الشواهد المقبولة على هذا النوع في النظم، قول الشاعر:

عج تنم قربك دعد آمنًا ... إنما دعد كبرق منتجع٢

ومنها:

أراهنَّ نادَمْنه ليلَ لهوٍ ... وهل ليلهن مدان نهارًا

والذي وقع عليه الإجماع، أن أبلغ الشواهد على هذا النوع، الذي استوعب ناظمه فيه الشروط التي تقدم ذكرها، قول القاضي الأرجاني:

مودته تدوم لكل هول ... وهل كل مودته تدوم

ومثال شطر البيت الذي نسجت أبيات البديعيات على منواله: "أرانا الإله هلالًا أنارا".

وبيت الشيخ صفي الدين الحلي في بديعيته على هذا النوع:

هل من ينم بحب من ينم له ... بما رموه كمن لم يدر كيف رمى

قلت الشيخ صفي الدين الحلي، غفر الله له، غير مشكور في نظم هذا البيت فإن الطرد والعكس لم يأت به إلا في الشطر الأول، وهو غير ملتزم تسمية النوع، فإن تسمية


١ آس: من المواساة وهي التعزية، الأرمل: الذي ماتت زوجته، عرا: ألم. أسا: أساء. والله أعلم.
٢ عج: عاج بالمكان مر به ومال إليه، المنتجع: المقصود لفائدته.

<<  <  ج: ص:  >  >>