للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبيت بديعيتي قلت فيه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد قولي فيه في ائتلاف اللفظ مع المعنى:

تألف اللفظ والمعنى بمدحته ... والجسم عندي بغير الروح لم يقم

وقلت بعده:

واللفظ والوزن في أوصافه ائتلفا ... فما يكون مديحي غير منسجم

٣- ائتلاف المعنى مع الوزن:

والوزن صح مع المعنى تألّفه ... في مدحه فأتى بالدرّ في الكلم

هذا النوع -أعني ائتلاف المعنى مع الوزن- هو أن تأتي المعاني في الشعر صحيحة، لا يضطر الشاعر في الوزن إلى قلبها عن وجهها، ولا إلى خروجها عن صحتها، كقول عروة بن الورد:

فإني لو شهدت أبا سعاد ... غداة غد بمهجته يفوق١

فديت بنفسه نفسي ومالي ... وما آلوه إلا ما يطيق٢

فإنه أراد أن يقول: فديت نفسي بنفسي ومالي، فألجأته ضرورة الوزن إلى قلب المعنى. ومهما كان الشعر سليمًا من مثل هذا، كان الشعر الذي ائتلف معناه مع وزنه.

وبيت الشيخ صفي الدين الحلي في بديعيته قوله:

من مثله وذراع الشاة حذره ... عن سمه بلسان صادق الرتم٣

والعميان ما نظموا هذا النوع في بديعيتهم. وبيت الشيخ عز الدين الموصلي في بديعيته قوله:

تؤلف اللفظ والمعنى مدائحه ... فللمعاني ترى الألفاظ كالخدم

قلت: بيت الشيخ صفي الدين، في هذا النوع، قاصر عن بيت الشيخ عز الدين فإن الشيخ عز الدين أتى أولًا بالانسجام والسهولة مع التورية بتسمية النوع وتمكين القافية، فإن لفظة رتم، في بيت الشيخ صفي الدين غير ممكنة، وأيضًا فإن الوزن والمعنى في بيت الموصلي في غاية الائتلاف.

وبيت بديعيتي قلت فيه:

واللفظ والوزن في أوصافه ائتلفا ... فما يكون مديحي غير منسجم


١ يفوق: يجود.
٢ آلى: أقسم وحلف اليمين.
٣ الرتم: الكلام الخفي.

<<  <  ج: ص:  >  >>